صالح حسب الله يكتب: خطيئة «عاشور» في مخالفة الدستور

صالح حسب الله يكتب: خطيئة «عاشور» في مخالفة الدستور

طامة كبرى عندما تنظر النقابة إلي أبنائها علي أنهم غير شرعيين في انتسابهم لها، أو أنهم مشكوك في نسبتهم إلي نقابتهم، فقرار نقيب المحامين الأخير جعل كل المحامين في دائرة الشك بما فيهم النقيب ومجلسه في نسبتهم إلى نقابة المحامين.

وافترض فيهم أنهم ليسو محامين إلي أن يثبت عكس ذلك، والأصل أن كل من يحمل كارانيه نقابة المحامين فهو محام إلي أن تثبت لجنة تنقية الجداول عكس ذلك، و يقع عبء أنه ليس محامي على عاتق لجنة تنقية الجداول، حيث أن هذا القرار جعل لجنة تنقية الجدول تتخلى و تتنصل عن دورها وناط بهذا الدور إلي لجنة تجديد الاشتراك.

بهذا القرار جعل المحامي ليس محاميا إلي أن يستطيع إثبات أنه محامي، مثل الموظف الذي يقول للمواطن  في المصالح الحكومية ( هات شهادة مختومة من اثنين من الموظفين تثبت أنك حي و علي قيد الحياة ).

أفصح هذا القرار عن نظرة الريبة و الشك في أعضائها، وإذا كانت هذه نظرة النقابة لأبنائها فلا يمكن اللوم عن نظرة بعض القضاة و أفراد الشرطة للمحامين .

هذا فضلا علي أن هذا القرار غير منضبط من عدة أوجه،  فللمحامي الحق في قبول الوكالة أو عدمها، و كذلك للمحامي الحرية الكاملة في قبول قضية أو عدم قبولها وفقا لما يمليه عليه ضميره و معتقداته و آراءه الشخصية، وكل ذلك من أجل عدم وقوع المحامي في حرج معين عند قبوله في دعوى معينة، فلا يمكن إجبار المحامى على قبول توكيل أو قضية  دون إرادته وهذا ما نصت عليه المادة 48 من قانون المحاماة.

والحقيقة أن قرار النقيب غل يد المحامى من الاستقلالية في العمل بموجب هذا النص، وأوجبت عليه توكيل في كل عام و يجب استخدامه  من أجل أن يتم ينجح في الحصول على كارنيه نقابة المحامين .

و هذا القرار بمثابة  وسيلة عقاب لمن لم يشترك في مشروع العلاج بالنقابة، حيث أنه كان يطلب من المشترك في العلاج توكيل فقط حتى  يتمكن من الاشتراك، و أصبح الاشتراك في العلاج دليل اشتغال، وهذا الأمر لم نجد له سند في الواقع حيث أن الكثير من غير المشتغلين بالمحاماة يتمتعون بالاستفادة  بهذه الخدمة.

 لم نجد له أيضا سندا في القانون، والاشتراك في مشروع العلاج ما هو إلا دليل على تمتع العضو والاستفادة منه وليس دليل على الاشتغال، وعاقب هذا القرار غير المشتركين في مشروع العلاج بأن ألزمهم ليس بتقديم توكيلات فقط  عن أعوام 2013  و 2014 كما فعل  المشتركين في العلاج،  بل ألزمهم بتقديمهم بما يفيد أنهم استخدموا هذه التوكيلات وهذا ما لم يطلبه من أصحاب بطاقات العلاج، فهذا القرار عقوبة لكل من لم يشترك في مشروع علاج النقابة.

 الأمر الآخر هو السؤال لماذا توكيلات ودليل الاشتغال عن أربعة أعوام؟، لماذا لم يكن خمس سنوات مثلا أو ثلاث سنوات؟، لم نجد سند في القانون يحدد الأربع سنوات وليس لهذه المدة سند ترتكن إليه هذه المدة، بل يجب احترام و استقرار المراكز القانونية المحصنة بمضي عام، فكيف للنقابة أن تفحص المركز القانوني للمحامي بعد مضى أربعة أعوام .

فكان يجب على النقابة أن تفرق المحامي الغير مشتغل بالمحاماة والمحامي المشتغل بغير المحاماة أو يمتهن مهنة أخرى إلي جوار المحاماة، كأن يشغل في رئاسة مجلس إدارة شركة أو معهد مثلا، فالمحامي الغير مشتغل بالمحاماة ولا يمتهن مهنة أخرى وجب توفير فرصة العمل له.

أما المحامى الذي يشتغل بغير المحاماة وجب قيده بجدول غير المشتغلين، وهذا الأمر لا يتطلب هذا القرار بل يتطلب من لجنة تنقية الجدول مخاطبة الجهات الرسمية مثل التأمينات والضرائب ومصلحة الجوازات بجد واجتهاد.

و أخيرا هذا القرار خالف الدستور حيث كفل الدستور للأسرة المصرية   حق الرعاية، وحرص علي لم شملها، ، و جعل الدستور و القانون الإجازة للقضاة و العاملين بالدولة  و أعضاء هيئة التدريس  من أجل  لم شمل الأسرة هي من الإجازات الواجبة، ولا يمكن لجهة الإدارة أو الحكومة أن ترفضها  حتى لو حاجة العمل لا تسمح بهذه الإجازة، إلا أنها لا يمكن لها رفضها، والمغتربين من المحامين منهم من هو مرافق لزوجته أو مرافقة لزوجها في منحة علمية له أو عمل لها، فهل المحامي حقوقه في لم شمل أسرته تختلف عن القاضي أو المواطن؟، هل الدستور يكفل حماية أسرة القضاة وأعضاء هيئة التدريس والأطباء أما أسرة المحامي لا تخضع لهذه الحماية؟، بهذا القرار لا يمكن لم شمل أسرة المحامى و له أن يختار بين أسرته التي هي في الخارج أو استمرار قيد اسمه في النقابة .

 بما أن هذا القرار أوجب على المحامي إثبات أنه محام فهل يستطيع، النقيب أن يثبت أنه نقيب وذلك بتطبيق القانون؟، وهل يستطيع نقيب المحامين أن يلزم  الغرفة التجارية والسجل التجاري بعدم قيد أي شركة إلا بمعرفة محام؟، هل يستطيع النقيب  أن يلزم   وزارة العدل باستخراج هذه الأوراق التي يطلبها من غير رسوم؟، هل يستطيع النقيب أن يثبت أنه نقيب قبل أن يطلب من المحامين أن يثبتوا أنهم محامين؟!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *