إبراهيم سعودي يكتب: كرامة عزة أم كرامة المحامين أم كرامة وطن ؟

إبراهيم سعودي يكتب: كرامة عزة أم كرامة المحامين أم كرامة وطن ؟

يوما بعد يوم ينفد صبر المحامين على وضعهم المزري وكرامتهم الضائعة أمام ضابط أو أمين شرطة يشعر أن قسم الشرطة هو ضيعته الخاصة التي لا كلمة فيها تعلو على كلمته حتى وإن خالف القانون ووضعه تحت نعله ، فإذا أردت تحرير محضر فهو الذي يقبل ويرفض وهو الذي يثبت ويمحو ما يشاء ولا حق لك أن تتدخل ، وهو الذي يستطيع أن يهين المواطن كيف شاء ووقتما يشاء ولا حق للمواطن أن يرد الإهانة كأنهم خلقوا من كرامة وخلق المحامين بلا كرامة .

حكاية المحامية عزة العشري كما روتها لنا بالأمس مع شهود الواقعة حكاية جديدة قديمة حدثت وستحدث وستستمر في الحدوث مع محام أو طبيب أو مواطن إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا .

المجني عليها التي تتعرض للتعدي عليها بالضرب المبرح واستعمال القسوة والاهانة البشعة والسب والقذف والمساس بعرضها لمجرد تمسكها بحقها في تحرير محضر ضد ضابط شرطة (خالف القانون من وجهة نظرها) ، وحين تتمسك أيضًا بكرامتها كمواطنة وكامرأة قبل أن تكون محامية وترفض اعتذار المعتدي وتصمم على عدم التصالح في واقعة التعدي عليها، تتحول بقدرة قادر في الأوراق ـ التي هي أوراقهم ـ والدفاتر التي هي دفاترهم الى المرأة الحديدية التي أغلقت باب القسم وضربت كل من فيه ثم اقتحمت حمام المأمور ذات نفسه لتجرح نفسها بماكينة حلاقة المأمور ومحضر بمحضر وسيب وأنا سيب .

وكالعادة حين يكون المتعدي ضابط شرطة أو امين شرطة وتستشهد المعتدى عليها بكاميرات القسم نفسه نكتشف أنه يوجد كاميرات تراقب كل ثقب في القسم لكن لا يوجد كارت ميموري ليحفظ عليه ما صورته هذه الكاميرات … عندنا كاميرات بس معندناش كارت ميموري بس إيه رأيك في النظام ؟

وحين تذهب الأستاذة عزة إلى المستشفى لتحرير تقرير طبي لها ويثبت لها الطبيب الاصابات التي تركت آثار الاعتداء في جميع انحاء جسدها الواهن ، يختطف أمين الشرطة التقرير الطبي قبل اثباته في دفاتر المستشفى ويرفض مسئول الشرطة بنقطة المستشفى اثبات الواقعة حتى يأتي أمر رؤسائه الذي لا يأتي أبدًا .

وحين تذهب الى النيابة صحبة زملائها تتكدس هي وزميلاتها وزملاؤها في طرقات النيابة بينما الضابط المعتدي وصحبه ضيوف أعزاء كرام في غرفة من غرف المحكمة ، وينتهي التحقيق باتهام لها في مقابل اتهامها وكفالة لها في مقابل كفالة الضابط ، انها العدالة العمياء التي لا تفرق بين الجاني والمجني عليه حتى في العقاب ليخرج الضابط صحبة رفاقه وامنائه يطلقون طلقات أسلحتهم الرسمية ابتهاجًا بالانتصار على امرأة ضعيفة وحدها في ديوان قسم شرطة .

وما يصيبك بالإحباط والمرارة أن هناك نقيب للمحامين لكنه انشغل كثيرا بذاته التي تتضخم يومًا بعد يوم بفعل النجاح الساحق الذى كفلته له موهبته في التلاعب بقانون المحاماة والانتخابات وتسخير كل الأدوات ليبقى في موقعه عقدين من الزمان وأهم هذه الأدوات الا يصطدم أبدًا بالسلطة والا يفقد رضاها عنه مهما كلفه ذلك من ثمن ، فلا يجد أدنى حرج في التخلي عن المحامين ليقفوا وحدهم عزلا بلا نقابة تحميهم في مواجهة سلطة غاشمة .

إن المحامين الآن يتعرضون إلى موجات من التعدي غير المسبوقة لدرجة أصبح معها دخول قسم الشرطة وهو جزء من عملهم اليومي عملا كريها يرفضه البعض منهم نأيًا عن الأذى والاهانة ويقبله البعض تحملًا لمكاره الواجب أو مكاره العمل وحاجة الحياه ، ولم يبق أمام المحامين إلا أن تجتمع كلمتهم ليبحثوا بأنفسهم بكل السبل المشروعة عن حقهم البسيط العادل فى اداء واجبهم في الدفاع بلا ضغوط أو اهانة أو مساس بكرامتهم ، بعد أن صارت النقابة عاجزة وصار النقيب عقبة في طريق أي إصلاح جدى لها .

أخيرا كلمة للضابط المعتدي على الأستاذة عزة ولكل أمين شرطة شاركه هذا الاعتداء ، ألا الا تشعر بالخجل من نفسك أمام نفسك حين تصفع وتضرب امرأة وحدها لا حول لها ولاقوة داخل قسم شرطة ولا تستطيع حتى أن تدافع عن نفسها ؟.. وهل في هذا التصرف أي ملمح لنخوة او رجولة أو خلق ، هل تستطيع أن تنظر فى عيون الأم أو الزوجة أوالابنه أوالشقيقة أو الجارة ، وهل ترضى أن تتعرض احداهن لما فعلت مع الأستاذة عزة العشري مجرد سؤال لعلي أعرف اجابته ؟!!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *