أودعت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، حيثيات حكمها برفض الدعوى المقامة من علاء الدين موسى المحامي، التي تطالب بحجب موقعي التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر” عن مصر.
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين خالد طلعت، وأسامة منصور وحازم اللمعي وتامر يوسف ومحمد قنديل، وبسكرتارية معروف مختار.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها “إن المدعي يهدف في الدعوى إلى الحكم بحجب فيس بوك على شبكة المعلومات الدولية”، حيث أكدت أن الحق في المعرفة ليس حقًا مقررًا لمحض المعرفة دون تبني موقفًا إيجابيًا يعبر عن الغاية من تقرير الحق وإنما يرتبط الحق في المعرفة ارتباطا وثيقًا بحق آخر، والحق في تدفق المعلومات وتداولها، وكليهما يرتبط بحق أوسع وأشمل وهو الحق في التنمية الذي نصت عليه المادة الأولى من العهد الدولة بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة الأولى من إعلان الحق في التنمية الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٤١ / ١٢٨ في الرابع من ديسمبر ١٩٨٦، وهو بدوره وثيق الصلة بالحق في الحياة، وكذلك بالحق في بناء قاعدة اقتصادية تتوافر أسبابها.
وأضافت الحيثيات أن حرية تداول المعلومات تفرض الحق في تلقي المعلومات والأفكار، ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود، وذلك من خلال كافة وسائل التعبير والإعلام أو بأي وسيلة أخرى يمكن نقل الآراء ونشرها وتداولها من خلالها ومنها خدمات الاتصالات والانترنت، وبدون القدرة على الحصول على المعلومات وامتلاك حق تداولها وإبلاغها للرأي العام لن يكون لحرية الرأي أي مدلول حقيقي داخل المجتمع، كما أنه بدون التواصل المجتمعي عبر المواقع المختلفة على شبكة الانترنت لا تكون ثمة حرية من الحريات القائمة أو لها وجود ملموس، ولا يقيد حرية التعبير وتداول المعلومات ويحد منها سوى بعض القيود التشريعية.
وأشارت الحيثيات إلى أن الحق في تدفق المعلومات وتداولها، هو حق ذو طبيعة مزدوجة فهو في وجه الأول يفرض التزاما سلبيًا مفاده امتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ أي إجراءات تشريعية أو إدارية للحيلولة دون التدفق الحر للأنباء والمعلومات سواء في الداخل أو من الخارج، ومن ثم يمتنع على الدولة وضع العوائق ضد تدفق المعلومات أو السماح باحتكارها إلا في حدود المحافظة على النظام العام، ولا تكون المحافظة على النظام العام والأمن القومي بحجب التواصل وقطع خدمات الاتصالات والتلصص على ما يتم منها، وإنما تكون صيانة المجتمع لحمايته من المنحرفين والمعادين للحريات العامة.
وأكملت الحيثيات وهو في وجهه الثاني يفرض التزامًا ايجابيًا مفاده التزام الدولة بنشر المعلومات الرئيسية التي تتعلق بالمصلحة العامة على أوسع نطاق وذلك من أجل ضمان الشفافية والرقابة على أداء السلطات العامة والاستجابة للرغبات الشعبية العادلة لتغيير المجتمع نحو الأفضل، وهو ما حرص عليه الدستور في المادة ٦٨ منه.
وتابعت الحيثيات أنه من حيث إن شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت والهواتف المحمولة، ومنها فيس بوك وتويتر ويوتيوب وغيرها هي مجموعة مواقع تقدم خدمات للمستخدمين قد أحدثت تغيرًا كبيرا في كيفية الاتصال والمشاركة بين الأشخاص والمجتمعات وتبادل المعلومات، وليس من شك أن تلك المواقع لم تكن سوى وسائل للتعبير انتزعها المتواصلون اجتماعيا وسياسيًا تأكيدا على حقوقهم المقررة دستوريا في الاتصال والمعرفة وتدفق المعلومات وتداولها والحق في الحياة الحرة التي تظلها العدالة الاجتماعية، ومن ثم باتت حقوقا أصلية لهم لا يكون حجبها أو تقيدها بالكامل إلا انتهاكًا لكل تلك الحقوق، وذلك إعمالا لصريح أحكام الدستور والتي جاءت التشريعيات المصرية الحالية والمعمول بما فيها قانون تنظيم الاتصالات.