عمرو حمزاوى يكتب | إسرائيل أو إرهاب الدولة والمستوطنين

عمرو حمزاوى يكتب | إسرائيل أو إرهاب الدولة والمستوطنين

عمرو حمزاوي

بالأمس فى القدس المحتلة، شنق مستوطنون إسرائيليون المواطن الفلسطينى يوسف الرمونى الذى كان يعمل كسائق حافلة لشركة نقل إسرائيلية، وليست هذه بكل تأكيد جريمة المستوطنين الأولى. قبل ذلك، واصل تنظيم داعش الإرهابى وحشيته بقطع رأس رهينة أمريكية، بيتر كاسيج الذى كان يعمل فى مجال الإغاثة والدعم الإنسانى للاجئين السوريين. قبل ذلك، خرج تنظيم بيت المقدس الإرهابى بمادة فيلمية توثق لجرائمه ضد القوات المسلحة وقوات الأمن المصرية وتستهدف بدموية بالغة إخافة وإحباط الرأى العام.

إذا كان شنق الرمونى وغيره من جرائم المستوطنين المتتالية ضد الشعب الفلسطينى فى القدس والضفة الغربية يتعين توصيفه كإجرام إرهابى ينتهك الحق فى الحياة شأنه شأن قطع رأس كاسيج والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الأخرى التى ترتكبها داعش فى العراق وسوريا وشأن جرائم بيت المقدس فى مصر وغيرها من تنظيمات العنف التى تتمدد خريطة وحشيتها ودمويتها فى بلدان العرب، فلماذا يصمت المجتمع المدنى المصرى والعربى والعالمى عن إرهاب المستوطنين الإسرائيليين أو يتخاذل عن مواجهته ومواجهة سلطة الاستعمار الاستيطانى والاحتلال على أرض فلسطين منذ 1948؟

ليس سؤالى هنا عن الموقف الرسمى لمصر ـ التى يصدر عن خارجيتها بعض بيانات إدانة ممارسات المستوطنين وإجراءات السلطة الإسرائيلية ولا يعرف الرأى العام الكثير عن تفاصيل الدور المصرى فيما وراء البيانات، ولا عن المواقف الرسمية العربية ـ وهى إما حاضرة تقليديا بمزيج من الإدانة اللفظية ومن الاستغاثة بالحليف الأمريكى أو غائبة تماما بتجاهل ممنهج للأوضاع الفلسطينية كما فى الخليج ومناطق أخرى، ولا عن المواقف الرسمية الغربية والدولية ـ وهذه انحيازاتها ضد الحقوق الفلسطينية معلومة شأنها شأن فاعليتها حين تصدر عنها بيانات إدانة إسرائيل فى أعقاب الجرائم والانتهاكات والاعتداءات واسعة النطاق كما فى الحرب الأخيرة على غزة.

بل سؤالى هو عن المنظمات الحقوقية وغير الحكومية والجمعيات الأهلية ومبادرات التضامن مع الشعب الفلسطينى فى مصر وبلاد العرب وفى بلدان الشمال والغرب الأمريكى والأوروبى وفى العالم النامى المهموم بقضايا الحقوق والحريات فى أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، لماذا تصمت عن الإجرام الإرهابى للمستوطنين الإسرائيليين وعن الانتهاكات المستمرة لسلطة الاستعمار الاستيطانى والاحتلال؟ لماذا تتصاعد أصوات التنديد وبيانات الإدانة فقط أثناء الحروب والاعتداءات الوحشية، ولا تكاد تسمع حين ينتهك الحق فى الحياة بقتل الشرطة الإسرائيلية لفلسطين أو بشنق المستوطنين لآخر؟ لماذا تتراجع بقسوة مبادرات مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية ـ وهى جميعا غير شرعية وإقامتها دليل اغتصاب للأرض واستيطان وأفعال المستوطنين جرائم بمجرد قبول المعيشة فى أرض مغتصبة وإرهاب عندما يروعون ويعتدون ويقتلون الفلسطينيين، والمبادرات الطوعية لمقاطعة إسرائيل كسلطة استعمار استيطانى علميا وثقافيا وفنيا ورياضيا وكذلك اقتصاديا وتجاريا فى حدود حرية المواطن فى الشمال والغرب وفى الجنوب والشرق كمستهلك يستطيع أن يرفض التعامل مع الشركات والمنتجات الإسرائيلية (وليس فقط موالح المستوطنات)؟

لا عذر مقبولا لنا فى مصر ولا فى العالم العربى ـ مهما حوصرت المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية بهجمات سلطوية متتالية ومهما غابت المعلومات والحقائق بشأن المواقف الرسمبة، ولا عذر للمجتمع المدنى العالمى إن كان همه هو الدفاع عن الحقوق والحريات دون تورط فى معايير مزدوجة ـ فوجود المستوطنات الإسرائيلية إجرام صريح، وممارسات المستوطنين هى إما صنو إجرام حين يعيشون على أرض مغتصبة أو إرهاب حين يقتلون ويشنقون، والسلطة الإسرائيلية هى سلطة استعمار واحتلال تمارس إرهاب الدولة. فهل يمكن على الأقل أن نسمى الأمور بمسمياتها؟

 

المصدر:الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *