عمرو حمزاوى يكتب | كيف يخاطب المكون العسكرى ـ الأمنى الناس؟
خاطبهم، أولا، عبر رأس السلطة التنفيذية وشبكات الإعلام العامة والخاصة المؤيدة له والنخب الاقتصادية والمالية والحزبية المتحالفة معه نظير الحماية والعوائد موظفا مجموعة من الفزاعات ــ الدولة المصرية فى خطر، الأمن القومى فى خطر، العالم العربى يقسم من جديد والدول الوطنية تنهار، الإرهاب يتهددنا داخليا وخارجيا، تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أفضى بمصر إلى حافة الهاوية.
وعلى الرغم من أن وراء هذه الفزاعات تحديات حقيقية تستدعى حشد الطاقات الشعبية والتعبئة الفعالة لقدرات مؤسسات الدولة وقطاعات المجتمع لمواجهتها، إلا أن المكون العسكرى ـ الأمنى يتحايل على ذلك بالترويج لأوهام من شاكلة أن «رأس السلطة التنفيذية القوى هو الوحيد القادر على مواجهة التحديات وحماية الدولة الوطنية» وأن «مصر لا تحتمل ترف الديمقراطية اليوم».
ولأن رأس السلطة التنفيذية القوى أو البطل المنقذ لا رؤية متكاملة لديه عن كيفية التعامل مع التحديات الداخلية والإقليمية والدولية ولأن هيمنة الرأى الواحد والصوت الواحد على الإعلام العام والخاص وتخوين المختلفين يحرم مصر من النقاش العقلانى ومن المشاركة الشعبية الرشيدة فى البحث عن السبل الأنجع لمواجهة هذه التحديات، يتحول الخطاب الرسمى بشأن الأخطار الواردة على الدولة الوطنية والأمن القومى والإرهاب والعنف والتدهور الاقتصادى والاجتماعى إلى خطاب تفزيع وتخويف يهدف إلى تمرير المقايضات السلطوية المعهودة (الاستقرار والأمن والخبز نظير الحرية، لا صوت يعلو فوق صوت الإنقاذ الوطني.
يخاطب المكون العسكرى ــ الأمنى الناس، ثانيا، موظفا أيضا الصورة الإيجابية عن المؤسسة العسكرية الوطنية / المنضبطة / القادرة على الإنجاز، ومخلقا فى مواجهتها صورة نمطية سلبية عن الكيانات الحزبية والسياسية «المدنية» الضعيفة / المنقسمة / الباحثة عن المصالح الضيقة / المستنجدة بالمؤسسة العسكرية دوما / غير القادرة على الإنجاز / المشكوك فى وطنيتها حين لا نقبل الاستتباع من قبل المكون العسكرى ـ الأمنى. ترسخ ثنائية المؤسسة العسكرية المنضبطة والفعالة فى مواجهة الكيانات الحزبية والسياسية الضعيفة والمنقسمة فزاغة أن البديل لحكم الفرد / لرأس السلطة التنفيذية القوى / للبطل المنقذ هو الفوضى والانهيار والتدهور وضياع الدولة الوطنية. بالقطع تسهم الكيانات الحزبية والسياسية المعتاشة على الاستتباع من قبل المكون العسكرى ــ الأمنى نظير الحماية والحصول على بعض العوائد (التمثيل فى أروقة السلطة التنفيذية وفى السلطة التشريعية) فى ترسيخ هذه الفزاعة، وتفقد قيادات هذه الكيانات وهم لا يدرون كامل القبول الشعبى بعد أن فقدوا كامل المصداقية الديمقراطية فى ٣ يوليو ٢٠١٣.
يخاطبهم، ثالثا، موظفا جاذبية «الوعود بمستقبل أفضل» ستأتى به صناديق التبرعات الوطنية والأموال الخليجية والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وقدرة رأس السلطة التنفيذية القوى على إتخاذ القرارات الصعبة والحاسمة وتنفيذها، وقبل كل ذلك انحيازه للفقراء ومحدودى الدخل فى مصر ونواياه الطيبة وقدراته القيادية التى تفتقدها كافة الكيانات الحزبية والسياسية التى «تكالبت على السلطة» بعد ٢٠١١ وكان بين صفوفها مجموعات «إرهابية» و«خونة» و«طابور خامس» وغيرهم.
ويستخدم الوعد بالمستقبل الأفضل لاستكمال تزييف وعى عموم المصريات والمصريين بأن كل هذا عرض عليهم من قبل بين خمسينيات القرن الماضى و٢٥ يناير ٢٠١١ وفرغه حكم الفرد / الاستبداد / الجمود السلطوى من المضمون وأفضى بمأساوية إلى نقيضه.