مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب | لغز سيادة الوزراء

عمرو خفاجى يكتب | لغز سيادة الوزراء

عمرو-خفاجى

لا أحد يصدق حتى الآن أن الدكتور حازم الببلاوى هو رئيس الوزراء المتنفذ فى كل شىء فى مصر، ولا أحد يصدق أيضا أن الدكتور حازم الببلاوى يترك جميع وزرائه يديرون وزاراتهم وفقا لرؤيتهم، وأنه فعلا لا يتدخل أحد قبل صدور أى قرار، ولنا فى قصة الكابتن طاهر أبو زيد وزير الرياضة مع مجلس إدارة نادى الأهلى خير مثال، حيث لم يتدخل رئيس الوزراء إلا بعد صدور قرار الوزير، وهناك الكثير من القصص المشابهة التى تثبت عدم وجود مركزية فى القرار، أو وجود اتفاقات مسبقة تجاه أى قضية بما فى ذلك القضايا التى تشغل الرأى العام، ولا يكون النقاش بين الوزراء إلا خلال اجتماعات المجلس، وعرفت مؤخرا أن أحد الوزراء لديه اعتراضات مباشرة على عمل زميل له فى الوزارة، فلم يبد اعتراضه إلا أمام المجلس، والمدهش أن الوزير الآخر استجاب لطلبات زميله بسهولة ويسر.

حالة الحكم التى تشهدها مصر الآن، بغض النظر عن تقييمها، سلبا أو إيجابا، لاقت الكثير من الاعتراضات، ولا تزال، وأول هذه الاعتراضات، وهذا هو المدهش، انفراد الوزراء بقراراتهم، وفى هذه النقطة تحديدا عشنا سنوات طويلة من رفض ضعف الوزراء فى حكومات ما قبل الثورة، بل والتهكم عليهم ووصفهم بأنهم مجرد سكرتارية للرئيس، والآن بعدما ترك السيد الرئيس شئون الحكومة للحكومة تعالت الأصوات بالاعتراضات والسخرية من استقلالية الوزراء، صحيح هناك فارق ضخم ما بين سيادة الوزراء على وزاراتهم ومهامهم وبين عدم التنسيق بين أعمال الوزارات المختلفة، فهذا أمر واجب نقده ورفضه، لأنه من المفترض أن الحكومة تعمل ككل متجانس، لكن هذا ليس وجه الاعتراض الأساسى، فجل الاعتراضات تذهب فى اتجاه رفض ممارسة الوزراء لاختصاصاتهم بعيدا عن مركزية قرارات فوقية.

ما يلفت النظر، أن الدستور الجديد يغل بشكل كبير يد رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) عن السيطرة على الحكومة وعلى قراراتها، بل إن الرئيس لن يستطيع إقالة أى وزير دون الرجوع لمجلس الشعب وموافقته على هذه الإقالة، ناهيك عن آلية اختيار الوزراء المعقدة ولا تترك فرصة لأى رئيس لاختيارهم بحرية بعيدا عن سطوة نواب الشعب، لذا يبدو موقف المعارضين لممارسات حكومة الدكتور الببلاوى غريبا، فهم ذات الأصوات تقريبا التى شجعت ووافقت على صياغة الدستور الجديد الذى يمنح سلطات واسعة للوزراء على حساب نفوذ رئيس الجمهورية، وكلها أمور تعكس الارتباك الحاصل فى فهم رؤية النظام السياسى الجديد والذى سيفعّل بمجرد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

أعتقد أن من الواجب أن يفهم جميع أطراف العملية السياسية، وفى مقدمتهم المواطنون، أن هناك تغيرا كبيرا حدث بإقرار الدستور الجديد، وأهم ملامح هذا التغيير منح الحكومة سلطات تنفيذية واسعة خصوصا فى جميع الأمور الخدمية، وهذا يعنى أن مجلس الشعب سيلعب دورا شديد الخطورة سواء فى حماية الوزراء أو مراقبتهم، لذا لا أعرف لماذا لا ينشغل أحد بانتخابات البرلمان وكأنها غير موجودة أو هامشية، فى مقابل ولع شديد بانتخابات الرئاسة والتى ستأتى برجل محدود السلطات مكبل الحركة، إلا إذا كنا لا نزال نعيش وهم الرئيس الفرعون الحاكم بأمره وهذا ما أعتقد أنه مازال سائدا حتى هذه اللحظة.

 

 

 

 

 

المصدر:الشروق