محمد فتحى يكتب | من يهدم مصر؟
عزيزى المتشنج الهستيرى، صاحب شهوة شتيمة الناس وتخوينهم وتصنيفهم لمرتزقة وعملاء إذا لم يكونوا على نفس درجة الهستيريا الخاصة بك.
دعنى أقل لك بعض الحقائق، قبل أن أجيبك عن السؤال الموجود فى العنوان:
فأولاً: البلاد المحترمة ذات التاريخ العريق والحضارة التى علمت العالم.. لا يهدمها برنامج تليفزيونى، أو مقال فى جريدة، وإلا فهى ليست كذلك.
وثانياً: البلاد العظيمة لا يهدمها نشطاء، فيهم محترمون وفيهم من ليسوا كذلك، لكنك تجمعهم كلهم فى سلة واحدة على اعتبار أنهم بيض، مع أن العكس صحيح.
وثالثاً: البلاد القوية مؤسساتها مستقرة، ولا يجب أن تتأثر بكلمة هنا، أو كلمة هناك، فلا تلعب دور المحامى الخصوصى موزعاً اتهاماتك على كل من ينتقدهم، لأنهم ليسوا فوق النقد.
ورابعاً: البلاد التى يذكرها التاريخ بحروف من نور، هى تلك البلاد التى لا تخشى من الرأى الآخر، ولا تسارع لتصويره مؤامرة وخيانة، أو لاتهام أصحابه بأنهم فى خانة الأعداء.
أما وقد انتهت الديباجة التى هى معلومة بالضرورة، لكن أصحاب «المخ الزنخ» يصرون على فقدان الذاكرة فيما يخصها فدعنى أجبك عن سؤال: مَن يهدم مصر؟
– يهدم مصر المنافقون، الذين يصنعون فرعونهم الخاص، وينصبونه سيادة الصنم الأعظم، وكلما زادوا، أدركنا أن هدم مصر على أيديهم.
– يهدم مصر الكذابون الذين يفبركون الأخبار والشائعات ويعملون كـ(عبدالمأمور) حين يرسل لهم الباشا خبراً لنشره أو إذاعته دون التيقن من صحته لا لشىء إلا لنصر كاذب على عدو تافه.
– يهدم مصر إعلام حين يصير قذراً يكثر فيه الشراشيح وأرباب الأجهزة، ويصير البطل نذلاً والنذل بطلاً، وصاحب كلمة الحق غريباً وسط السعار الذى يجتاح الكثيرين، وبدلاً من أن يقوم بدوره التنويرى، ولا يضع نفسه طرفاً فى المعادلة، فإنه يقوم بالحشد والتعبئة كأى إعلام قذر تحركه المصالح، وغضب الباشا.
– يهدم مصر من يشجع على الفاشية، وينسى العدل، ويريد أن يطوع القانون لصالحه، ويطبقه فى اتجاه واحد، وحين يطالبه البعض باتباع القواعد يؤكد أننا فى حرب، ويبغبغ بما يقوله السفهاء والمبرراتية بأن لكل حرب ضحاياها، منكراً أن أغلبهم من الأبرياء، بينما المجرمون لا يزالون يرتعون فساداً.
– يهدم مصر كل من يصر على خلق الفزاعات كل يوم لإخضاع البسطاء لطلقاته السحرية التى يغسل أمخاخهم بها، وبدلاً من أن يقضى على الإرهاب ويقبض على المجرمين يأخذ الأبرياء «عاطل على باطل»، لأنه غير معد، وغير مؤهل لتطبيق العدالة الحقيقية والقانون الذى يجب أن يطبق على الجميع.
– يهدم مصر كل من يركز فى الهدم بدلاً من البناء، والحرب بدلاً من الاستقرار الذى لن يأتى سوى بالعدل، والذى هو اسم من أسماء الله الحسنى.
– يهدم مصر الأراجوزات و«كدابين الزفة» و«لحاسى أحذية» كل الأنظمة، والجالسون على حجر السلطة، ومضحكو السيد الكبير، والمتلونون الذين يعملون على طريقة (جاى ف أى مصلحة).
– يهدم مصر سفهاء قرروا أن يدعموا كل ما فات.
– يهدم مصر.. وركز فى اللى جاى.. ركز أوى الله يكرمك عشان كلاب السكك.
يهدمها، كل من قرر أن يختصر هدمها فى كل ما فات ناسياً أن هناك أعداء حقيقيين لمصر يجب مواجهتهم، وإرهاباً يجب اجتثاثه ومواجهته مواجهة حقيقية نشترك فى نتائجها لكيلا تكون ضحكاً على الذقون.
– يهدم مصر كل من ينحاز لطرف فى الخناقة على حساب الطرف الآخر، فالإنصاف شىء، والتحيز شىء آخر، وانحيازنا لرؤية بلدنا كما ينبغى للبلاد المحترمة والعظيمة أن تكون، يجب أن يكون أكبر من أى انحياز شخصى لمصلحة شخصية.
يا رب تكون فهمت.
المصدر:الوطن