مجموعة سعودي القانونية

وائل عبد الفتاح يكتب: فى شوارعنا «دكر» مهزوم

وائل عبد الفتاح يكتب: فى شوارعنا «دكر» مهزوم

وائل-عبد-الفتاح

يبحثون عن «الدكر» فى السياسة…

 

ويمارسون «ذكورة» الاعتداء على النساء فى الميادين…

 

وفى أقسام البوليس يكسرون من البداية «ذكورة» الضحية…

 

إنها هستيريا «ذكورة»… من النوع البدائى المعتمد على الغريزة والإخضاع… ذكورة اصطياد الفريسة… والشعور بالنشوة من التهامها….

 

إنها تعبيرات جنسية عن السلطة فى بلد لا يعرف الجنس كمتعة.. ولا كنوع من التواصل الإنسانى….

 

التواصل ممنوع فى بلاد تاهت بين هويات تافهة… وفاشلة… ومميتة… لا هى حديثة ولا هى خاضعة لتقاليد ما قبل الدول… لسنا شعوبا ولا قبائل… إننا مجرد قطعان مهزومة… هائمة…. يأكل بعضها بعضا… وتخرج من الإنسانية بحزمة شعارات تافهة تستخدم الدين مرة والأخلاق مرة والوطنية مرة… وفى كل مرة نبتعد عن الإنسانية لنبقى كائنات نتفرج على انحطاطنا.

 

كيف يمكن لشخص يفتقد إمكانيات التواصل والحب أن يكون تصورات عن الآخرين فى حياته… وهو ممزق بين واقع يحرم كل شىء، وسلطة تستخدم القهر الجنسى، وعالم يراه ويسمعه، يفكك كلما تقدم عقد التواصل والحب ليصل إلى درجات الحرية شرط الإنسانية الكبير…

 

كيف تتركب تلك الشخصيات التى تستعرض ذكورتها فى الشوارع… ردا على استعراضات ذكورة البوليس؟ وكيف تفخر الأم بابنها «الدكر» ثم تبكى على ابنتها عندما يغتصبها «دكر» آخر؟

 

كيف تتربى على التوحش وتريد أن تنجو من آثاره؟

 

كيف تقبل أو تنكر تعذيب متهم فى البوليس أو السجن، ثم تشكو من القطعان الهائجة فى ميدان التحرير؟

 

إننا نعيش مأساة «الدكر» المهزوم…

 

لأن كل «دكر» سيهزم إما لأنه فاشل وإما لأن فكرة صراع «الذكورة» خارج التاريخ…وتدمر الحياة….

 

«الدكر» فى مصر يعتبر كل «الحريم» خارج عالمه الصغير.. سبايا لا سبيل للتواصل معهم إلا الاعتداء…. هذا تمام ذكورته..

 

الانحطاط الذى لم نصل إليه والنساء تتداول موضات المينى جيب، وزاد بعدما وصل الإفراط فى عزل المرأة إلى دخولها عزلا شخصيا وهى فى الشارع بارتداء النقاب…

 

الانحطاط ليس فى الأخلاق… فالمعتدى على النساء (تحرشا لفظيا أو اعتداء جسديا أو اغتصابا متعدد الصور) له أخلاق ويعتبره بعض الناس «جدع» يساعد الصغير والمحتاج/ ولا مانع أيضا من أن يسرقه إذا استطاع…/ لديهم أخلاق أولئك الذكور الذين يسيرون فى الشارع منفوخين ليداروا هزيمتهم التى لن يعرفوا لها تفسيرا… ولن يجهد المجتمع نفسه إلا فى اللطم أو إطلاق شعارات مجانية فارغة من أى مضمون، مثل تلك التى قالها متحدث رسمى أمس عن ضرورة عودة الشارع فى مصر إلى الأخلاق.. ماذا تعنى العودة؟ وكيف تكون العودة؟ هل لأخلاق تعرية عابرى الكمائن كما كان يحدث أيام مبارك ويعود الآن على استحياء؟ أم التحرش بالسيارات العابرة وممارسة الرذالة والسماجة على خلق الله؟ أم الاعتداءات الجنسية وممارسة الذكورة على الفريسة فى أقسام البوليس؟ أم التحرش المنتشر فى المصالح الحكومية؟ أم استقبال كل معتقل سياسى بحفلات كسر الإرادة التى تبدأ بانتهاك جسده؟

 

قطعان الذكورة الجريحة تتجول فى المدينة… لتعيد فى شوارعها تمثيل الذكورة المماثلة فى أقسام البوليس وقصور الحكم… إنهم ضحايا/ مجرمون فى نفس الوقت… يستعرضون قوتهم الرخيصة التى ندفع ثمنها غاليا.

 

وفى حفلات الذِّكْر يذوب المتصوف فى ذات أعلى، وفى حفلات التحرش يعلن الهائج عن ذات غير موجودة، مسحوقة، لا تعرف من الجنس إلا الجوع. والجوع هنا يقابله إفراط فى مستعمرات الرفاهية المغلقة على أصحابها، حيث تقام حفلات جنس جماعى أسطورية، لكن بقوانين أخرى وطقوس ترتدى فيها الهمجية قفازات من حرير.