أيمن الجندى يكتب | الانتقام الرهيب

أيمن الجندى يكتب | الانتقام الرهيب

د.-أيمن-الجندى1

اندفعت روضة إلى الغرفة. وكان المشهد كما يلى: رياض يلوك الشطيرة فى هدوء وسكينة بينما تجلس لطيفة على الكرسى المقابل وهى ترنو إليه فى هيام وتغمض عينيها وقد تهدل شعرها الطويل الأسود الجميل خلف الكرسى. طويلا حتى يوشك أن يلامس الأرض. ومهما كان رأى روضة فى خبث لطيفة فقد كانت تعترف بينها وبين نفسها أن شعرها أجمل شعر رأته فى حياتها. شعر تم تغذيته بزيت الزيتون ودللته صاحبته طويلا جدا ليصير بهذا الطول وتلك الغزارة وهذه الكثافة.

لغيظ روضة البالغ لم ينتبه رياض كثيرا إلى دخولها الغرفة مثلما لم ينتبه من قبل إلى مغادرتها الغرفة. لطيفة أيضا لم تلحظ. الأمر الذى جعل روضة تتصور أن لطيفة تحب رياض حقا. وقد كان هذا كافيا لتنفذ انتقامها المروع.

أى انتقام مروع يا ترى؟ أن تطعنها بذلك المقص الذى تحمله فى حقيبتها؟ يا ريت! أن تسكب عليها الجاز وتشعل النار فيها! لا يوجد جاز فى تونس على الأرجح!

فى نعومة وخفة وقفت روضة خلف لطيفة وهى تكتم أنفاسها. ثم أخرجت المقص دون أن تنتبه لطيفة وشرعت تقص شعرها الكثيف المدلل بهدوء بالغ.

تم الأمر دون أن تلاحظ لطيفة. كانت مندمجة فى أداء دورها التمثيلى مع رياض على أمل أن يترك روضة ويُعجب بها. رياض وحده هو الذى لاحظ ما تفعله روضه فاتسعت عيناه من الرعب وتباطأ فكاه فى مضغ الشطيرة. إلا أن روضة نظرت إليه محذرة وأشارت بسبابتها إلى فمها ليصمت!

وانسلت روضة بعدها من الغرفة فى منتهى الفرح والسعادة، وبدون أى تردد غادرت المؤسسة كلها. سارت فى الطريق وهى تقهقه بصوت مرتفع. والمارة ينظرون إليها فى خوف وحذر. وشاطت بحذائها مقاس 34 حجارة صغيرة فرشقت فى كعب رجل عجوز جلس على الأرض وراح يتأوه. ولكن روضة لم تنتبه. راحت تتخيل مشهد لطيفة حين تنهى وصلتها التمثيلية مع رياض وتنهض من مقعدها لتجد شعرها يتساقط على الأرض!

لقد بدأ الصباح بداية عكرة لكن نهايته كانت جميلة حقا. ستذهب إلى غرفتها لتقذف بالحذاء مقاس 34 فى الهواء دون أن تنحنى لتخلعه. وأنها لتجيد ذلك لأنها ملاك صغير وليست كلطيفة التى ترتدى مقاس واحد وأربعين على الأقل! ثم ستندفع إلى السرير لتنام ست ساعات متواصلة. وفى المساء ستتصل برياض لتعرف منه تفاصيل ما حدث.

استيقظت روضة من النوم فبدا لها الكون حلوا إلى حد لا يصدق. وغمرها رضا تام عن الحياة وهى تتقلب على فراشها وتذكر رياض العزيز. الطفل الذى لا يحسن إلا التهام شطيرته. تذكرت ما فعلته هذا الصباح من مقالب أنثوية فضحكت بأعلى صوتها.

لا شك أن رياض سعيد جدا بعد أن قصت شعر لطيفة. تعرف مقدما ماذا سيقوله حينما تتصل به تليفونيا. سوف يتظاهر بالغضب، بالدهشة، برفض تصرفها. لكنه فخور جدا بما فعلته. ذلك أنه يزهوه كأى رجل أن تحبه خطيبته إلى حد المخاطرة بعداء امرأة أخرى. عداء لترتاع منه الشياطين فى سقر. إن قصها لشعر امرأة فى غفلة منها يعنى أن دمها قد صار حلالا فى عرف النساء. لا أحد ينجو بفعلة مثل هذه أبدا.

ولكن من أجل رياض العزيز ستتحدى الدنيا. المهم أن تعرف الآن ماذا فعلت لطيفة حين وجدت شعرها يتساقط (تعرفون غدا إن شاء الله).

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:المصرى اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *