إبراهيم عيسى يكتب : مرسى وكشك ورجب.. سياسة لها العجب!

إبراهيم عيسي

طريقة مرسى فى الحكم وفى توزيع الحصص على الحلفاء والتابعين حَ تودّى مصر فى داهية، والدماء سالت فى حادثة أسيوط بسبب رغبة الإخوان المحمومة فى الهيمنة على البلد.
إزاى؟
سأقول لك، لكن تذكّر أولا أن طاحونة الإخوان بدأت منذ اللحظة الأولى لحادثة أسيوط، رمْى المسؤولية عنها وتبرئة مرسى من مسؤوليته، فى فصام كامل عن مواقفها أيام مبارك، وهو ما يدل على أن هذه الجماعة بتاعة مصلحتها ولا تملك قيما حقيقية صلبة ومستقيمة تتخذ مواقفها بناءً عليها، بل هى تتقلب وتتغير كالحرباء بتغيّر مصالحها، إنها جماعة مصالح لا جماعة قيم، وبدلا من أن يعتذر الرئيس مرسى عن وقوع هذه الجريمة فإنه يحاول الالتفاف حولها، وكأن موت أطفالنا ونزيف دم المصريين لا يستحق اعتذارا من الرجل الذى لا يكفّ عن إلقاء السلامات فى خطبه المملّة على أهله وعشيرته.

الإخوان المسلمون ومنافقوهم يبررون فشل وعجز الرئيس مرسى وحكومته فى مأساة قطار أسيوط واستشهاد خمسين طفلا ومعلمتهم بوجود الفلول ورجال النظام السابق!

حسنا.. لا أحد ينازع الرئيس وجماعته فى أن هذا الوضع إرث النظام السابق، لكن لديكم كذلك كل سلطات ونفوذ النظام السابق وصلاحيات أكثر من النظام السابق، فلماذا عجزتم عن عمل أى شىء من أى نوع لإصلاح ما تركه النظام السابق؟!

ثم أنتم الذين تصديتم للمسؤولية وزعمتم نَصبًا وكذبًا أنكم قادرون على البتاع ده اللى اسمه النهضة، وأنكم تحملون الخير لمصر، فإذا بكم فاشلون عاجزون وبلا كفاءة، وتحملون الخيبة، لا الخير، لمصر، تحملون الغطرسة والاستعلاء والاستحواذ والهيمنة والتكاذب والنكث بالوعود وتلوُّن المواقف وحربائية النفوس!

ثم إنكم فى الآخر تضللون الناس.. والدليل حادثة أسيوط نفسها!

لقد تعامل الرئيس مرسى بنفس طريقة ومنهج الرئيس السابق وذات الإجراءات الواهية وبتكرار المواقف التى تختفى منها الحرارة وتفتقر إلى القوة والجدة.

لا يتحدث الإخوان عن مسؤولية محافظ أسيوط.. ليه؟

لأنه إخوانى، ابن الجماعة ورجُلُها.

المحافظ د.يحيى كشك عضو مجلس شورى الإخوان المسلمين بأسيوط، وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة ومسؤول قسم التنمية الإدارية بجماعة الإخوان بقطاع جنوب الصعيد. ومن ثم خيبة المحافظ وفشله ليست محل حديث ومراجعة الرئيس، لأنه لا يمكن أن يمس إخوانه الفشلة ويرفع عنهم المسؤولية، فيتصرفون بمنتهى الغطرسة والغرور الذى لا يتناسب مع ضعف موهبتهم السياسية والإدارية وتقصيرهم وعجزهم عن التحول من مسؤولى جماعة سرية إلى مسؤولية وطنية أثقل وأخطر، لكنه غرور مستمَد من حصانة الجماعة، فمهما صرخ وهتف شعب أسيوط فإن مكتب الإرشاد لن يسمع، ومهما هتف وطالب جماهير أسيوط فإن أسوار قصر الرئاسة التى تمت تعلية ارتفاعها مؤخرا -وهو ما لم يقدم عليه تخوُّفا ولا تحسُّبا الرئيس السابق- منعت عن طبلة أُذن الرئيس ومساعديه التقاط أنين الأسايطة ضد محافظهم الرَّخو!

ثم لم ينطق أى إخوانى عن مسؤولية الجهاز المحلى لمدينة منفلوط وإهماله الجسيم المريع فى حماية حياة أبناء البلد، وعن تسيُّبه وضعفه فى معالجة مشكلة المزلقان وما يحيق به من مخاطر على حياة أهالى منفلوط وقراها.

طيب ليه خرس الإخوان عن الكلام عن دور رئيس مركز منفلوط وفشله ومسؤوليته عما جرى؟

لسبب بسيط جدا..

لأنه من حلفاء الإخوان ومنحوه هذا المنصب فى عملية توزيع التورتة على التيار الإسلامى، حتى يرضى عن مرسى، ولرد الجميل لهم فى وقفتهم الحاسمة مع مرسى فى الانتخابات.

يا أيها المضلِّلون الساكتون عن الحق، رئيس مركز منفلوط ليس فلولا ولا من النظام القديم، ولا من الدولة العميقة ولا الغويطة، بل هو عضو الجماعة الإسلامية ونصيركم ومؤيدكم وحليفكم وهو الشيخ صلاح رجب!

لقد كان الشيخ صلاح ولا يزال قياديا بارزا فى الجماعة الإسلامية وقضى عدة سنوات فى اعتقالات مستمرة فى عهد مبارك (لقبه فى مدينة ديروط.. خطيب العيد) وقد ترشح فى الانتخابات البرلمانية السابقة فى مواجهة مرشح الإخوان وقد فاز الإخوانى فى الإعادة، لكن الشيخ صلاح برز فى تأييد مرسى فى الرئاسة، فما كان من الرئيس -وَفْقًا لسياسته الحكيمة فى تقطيع مصر حتت وتوزيعها على أهله وعشيرته- إلا أن منحه رئاسة مركز منفلوط.

فالمحافظ الذى مات أطفالنا لإهماله، إخوانى..

ورئيس المركز الذى مات أطفالنا بسبب إهماله عضو جماعة إسلامية..

ورئيس الجمهورية الذى مات أطفالنا بسبب سياسته… مستمر فى سياسته ما دمنا ساكتين عن سياسة سيادته!

المصدر / جريدة التحرير