ابراهيم عيسى يكتب|الحب فى زمن الثورة

ابراهيم-عيسى

 

ها قد بدأت الدراسة وفتحت المدارس والجامعات أبوابها ومظاهراتها. لكن هل يا ترى لا يزال الحب موضوعا ومطروحا فى الجامعة الآن؟

نحن نعيش أجواء مزعجة من صخب العنف والعدوان والخشونة فى التعبير عن الأفكار والمشاعر. المشاعر نفسها بعد «٢٥ يناير» صارت غليظة وفَظَّة وجارحة. والانقلابات العاطفية مذهلة من الحب للكراهية، من «الداون لوود» إلى «الديليت» بمنتهى البساطة.

أكبر خاسر منذ «٢٥ يناير» حتى الآن هو الحب.

الحب الذى انتصر فقط هو حب الوطن، فقد عاد حب مصر خفَّاقًا، والانتماء إلى البلد صار رائعا ناصعا.

لكن كيف يا ربى غابت مشاعر الحب؟

لهذا فإن السؤال يبقى مشروعا جدًّا: هل لا يزال الشباب والشابات «على الأقل» يحبون؟ فالحقيقة أن متابعة ما يقولونه ويكتبونه فى صفحات «فيسبوك» وحسابات «تويتر» يفصح عن جيل بلا قلب، بل هو فى منتهى الغلظة والخشونة وقلة الحيا، ولا يعرف معنى الحب، بل غاطس بفخر فى التهكم والتسفيه والعدوانية والجرى وراء المسنين بالحجارة.

الحب، أعزَّك الله، إنقاذ للثورتين.

والموضوع ليس هامشيا ولا ترفًا، فهناك ابن حزم فقيه أندلسى ومفسِّر عظيم عاش منذ ألف عام أو أقل، وهو علامة من علامات الفقه والفكر الإسلامى وصاحب مدرسة كبرى فى التفسير القرآنى والحديث النبوى، ومع ذلك كتب كتابًا مذهلا فى أصول الحب والغرام بعنوان «طوق الحمامة فى الأُلفة والأُلَّاف»، انتقده وهاجمه كثيرون كيف يفعلها فقيه وَرِع وإمام يسير خلفه المسلمون فى فتاواه وتفسيره للقرآن الكريم حين يُحلّ حلالا ويحرِّم حراما، كيف يكتب خطة للمحبين فى الوَصْل والوصال والقرب والوُدّ. وكأنه لا يليق بعالم وفقيه أن يكون خبيرا ومدرسًا فى الحب والغرام وفنونه وجنونه وطرقه ووسائله وعوازله ووسائطه وظهوره ومظاهره. لكن «طوق الحمامة» يؤكد أن الحب هو مفتاح تطور المجتمعات. فلا ثورة ستنجح ولا ستكتمل ولا بلد سيتطور لو لم يقع مواطنو البلد فى الحب والغرام. عمومًا نصائح الحب يمكن أن تتلقاها من الكتاب الأحدث «كيف تتحدث إلى البنات».

لكن المشكلة أن مؤلف هذا الكتاب طفل عمره 9 سنوات.

فأليك جريفن، من كولورادو، هو مؤلف كتاب «كيف تتحدث إلى البنات». وكان الكتاب قد بدأ كمشروع مدرسى تحول إلى أكثر الكتب مبيعا.

وقال أليك «كل ما فعلْته أننى كنت أشاهد الأولاد فى ملعب المدرسة وقد اختلطت عليهم الأمور، وما هى الأخطاء التى ارتكبوها».

وأضاف قائلا «إن كثيرين من الأولاد يديرون الحوار بشكل خاطى، ولا يمكن لأغلبهم أن يصدق أن بنتًا لم تعد تهتم بأمره».

ومضى يقول: «أعتقد أن إبداء الاهتمام هو مفتاح كسب قلب البنت».

ووجَّه النصح إلى الأولاد قائلا: «دَعْها تتكلم كما تشاء، فإن احتمالات وقوعك فى حَيْص بَيْص فى هذه الحالة محدودة».

وقال أليك إن الفرص تكون أفضل كثيرا مع «البنت العادية»، وأضاف قائلا «تذكّر أن البنات الجميلات يكنّ باردات القلوب عندما يتعلق الأمر بالأولاد».

ورغم كل هذه النصائح التى تشى بخبير واسع الباع فى مجال النساء فإن المرأة الوحيدة فى حياة أليك هى والدته.

وقال: «إننى ما زلت صغيرا على اللقاءات العاطفية وهذه الأشياء».

تفتكر لماذا يستمع شاب أو رجل إلى أفكار ونصائح طفل فى كسب قلوب البنات؟

الحقيقة أن التعبير المعتمد للدخول فى حالة حب هو أن فلانًا وقع فى الحب، وحين تكتشف أن صاحبك مغرم ولهان تقوله على طول: ده أنت واقع بقى يا ابنى!

وحين يقع الإنسان فى الحب فهو يحاول أن يسند على أى حد، يطلع «فقيها» وإماما، أو طفلا فى التاسعة، ففى الحب، كما فى الغرق، أنت أعيل من المعيلة!

المصدر:جريدة التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *