الادارية العليا.. الأم تستحق الأجر الكامل عن إجازة الوضع سواء كان المولود حيًا أو ميتًا

الادارية العليا.. الأم تستحق الأجر الكامل عن إجازة الوضع سواء كان المولود حيًا أو ميتًا

بشهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بعدم الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بقبول الدعوى وبأحقية المدعية (ع.ص.ى) فى إجازة وضع بكل مدتها رغم وفاة مولودها، وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدى لها الأجر الكامل المستحق لها عن أجازة الوضع سواء كان مولودها حيًا أو ميتًا، شاملًا العلاوات والبدلات والحوافز والأجورالإضافية الأخرى ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الأخرى محسوبة على أساس أن المدعية كأنها قائمة بالعمل فعلًا ومشاركةً فيه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.وقد أصبح هذا الحكم نهايئًا وباتًا.

وتعود القضية إلى يوم شتاء قارص حيث كانت المحكمة مكتظة بالمتقاضين، فنادى الحاجب على السيدة (ع.ص.ى) فوقفت أمام القاضى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وقالت ”  أنا أعمل موظفة بالجهة الإدارية وحصلت على إجازة وضع لكنى فوجئت بأن الإدارة أعطتنى الأجر الأساسى فقط ودة ضئيل جدًا لا يكفى شئون الحياة ” ثم قال لها القاضى أكملى استمع إليكى جيدًا، ثم بكت وقالت فى مفاجأة ” المولود توفى ولما علمت الإدارة بوفاته قالوا مالكيش مرتب خلال إجازة الوضع ولا ليكى إجازة أصلًا بوفاة المولود وترجعى الشغل ” فهدأ القاضى من روعتها وطلب من الحاضر عن الإدارة التعقيب فقال ” إجازة الوضع عشان المولود وهو مات يبقى ليه تأخذ مرتب، وتأخذ إجازة لمين ؟ ”  ونظر لها القاضي مخاطبٱ اليكي تعليق  فقالت له ” عاوزة أقول للحاضر عن الإدارة يعنى حزنى مرتين على مولودى إللى مات وعلى مرتبى إللى انتقص وانقطع دة ظلم ” وظلت تبكى، فأصدر القاضى حكمه لصالح السيدة  بأحقيتها فى منحها إجازة الوضع كاملة المدة كما أمر بصرف مرتبها كاملًا بكل ملحقاته وتوابعه.

وأكدت المحكمة برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على أربع قواعد انتصارًا للمرأة فى إجازة الوضع بالأجر الكامل سواء كان المولود حيًا أو ميتًا:

الأولى: الأم تستحق الإجر الكامل عن إجازة الوضع شاملًا العلاوات والبدلات والحوافز والأجورالإضافية ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الأخرى كأنها قائمة بالعمل فعلًا ومشاركةً فيه.

الثانية: الحكمة فى منح الأم إجازة وضع حال مولودها حيًا هى منحها مدة تسمح لها بالراحة بعد عناء الحمل والولادة وقيامها اللصيق بدورها كأم فى العناية الفائقة للمولود والتصاقها الروحى والجسدى به لوهنه الشديد واعتماده بشكل كلى عليها لتلبية احتياجاته الفطرية. 

الثالثة: الغاية من منح المرأة إجازة وضع حال مولودها ميتاَ أوجب لمراعاة حاتها الصحية والنفسية على فقدان وليدها وما يصاحبها من الاكتئاب والاضطرابات النفسية تمتد لفترة تعادل مدة الإجازة ذاتها فتأخذ حكمها.

الرابعة: موت المولود صدمة نفسية حقيقة تهز وجدان المرأة بفرط القلق والألم النفسي يفوق الألم الجسدي للولادة  يستنهض همة المحكمة فى تقديم المساعدة والدعم النفسي القضائى للتخفيف من معاناتها النفسية.

حيثيات الحكم

قال القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن الدولة تكفل التوفيق بين واجبات المراة نحو الأسرة ومتطلبات عملها فى المجتمع وبتوفير الرعاية والحماية للأمومة وما يتفرع عنها من حقوق، ومنها حقها فى حصولها على إجازة الوضع بأجر كامل بحد أقصى ثلاث مرات طوال مدة عملها، وفى تحديد المقصود بمفهوم الأجر الكامل الذى عناه المشرع  فإن الأجر ينصرف إلى كافة ما تحصل عليه العاملة من أجر وتوابعه وملحقاته من علاوات وحوافز وبدلات وأجور إضافية وغيرها من المزايا التكميلية بحيث تستصحب المرأة العاملة ما كان عليه أمرها قبل إجازة الوضع وتستمر معاملتها فيما يتعلق بما تحصل عليه من حوافز وأجور إضافية ومكافآت وغيرها كأنها قائمة بالعمل فعلًا حسب ما كان عليه الحال فى الآونة السابقة على حصولها على إجازة الوضع.

وأضافت المحكمة أن المدعية حصلت على إجازة الوضع المدة المقررة، لكن الإدارة  لم تصرف لها سوى الأجر الأساسى فقط خلالها بل أوقفته حين علمها بوفاة مولودها وطلب منها العودة من الإجازة وإلا اعتبرت منقطعة عن العمل ومن ثم تكون الإدارة قد خالفت الدستور والقانون والمبادئ الدستورية المستقر عليها عالميًا نحو حقوق الأمومة، مما يتعين معه القضاء بإلزامها أن تؤدى للمدعية كافة المستحقات المالية المقررة عن إجازة الوضع وفقا للأجر الكامل شاملًا العلاوات والبدلات والحوافز والأجور الإضافية الأخرى ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الأخرى محسوبة على أساس أن المدعية كأنها قائمة بالعمل فعلًا ومشاركةً فيه أسوة بالعاملين معها.

وأشارت المحكمة أنه إذا كانت الحكمة فى منح الأم إجازة وضع هى منحها الوقت الذى يسمح لها بالراحة بعد عناء الحمل والولادة وكذلك قيامها اللصيق بدورها كأم فى العناية الفائقة للمولود بكامل وقتها والتصاقها الروحى والجسدى به والرضاعة لوهنه الشديد واعتماده بشكل كلى عليها لتلبية احتياجاته الفطرية، فإن الأم تستحق تلك الإجازة سواء أكان المولود حيًا أو ميتًا، بل لعله فى كثير من الحالات يكون أوجب فى حالة نزوله ميتًا، حيث تكون الغاية من منح المرأة العامة الأجر الكامل بكل توابعه وملحقاته فى إجازة الوضع حال مولودها ميتاَ هو مراعاة الحالة الصحية والنفسية للأم على فقدان مولودها وما يصاحبها من إصابتها بالاكتئاب واضطرابات نفسية، قد تمتد لفترة تعادل مدة الإجازة ذاتها فتأخذ حكمها، ولا ريب أنها صدمة نفسية حقيقة تهز وجدان المرأة إذ تعاني فرط القلق والألم النفسي والحزن والكآبة، ويفوق الألم النفسي الذي تشعر به الألم الجسدي للولادة  ، وبهذه المثابة لا يجب اهمال الأم أو التهاون فى حقها مما يستنهض همة المحكمة فى تقديم المساعدة والدعم النفسي القضائى للتخفيف من معاناتها النفسية.

وأوضحت المحكمة أنه لا يوهن من هذا النظر أن يكون التنظيم الذى وضعته الجهة الإدارية فى لائحتها الداخلية بحرمان العامل من هذه المبالغ حال قيامه بإجازة من أى نوع لمدة معينة، فمثل هذا الحرمان لا يتسنى إعماله فى شان إجازة الوضع التى هى إنعكاس لما استوجبه الدستور من رعاية الأسرة والأمومة والحفاظ عليها وحماية حقوق المرأة العاملة التى جاهدت من أجل اكتسابها ردحًا من الزمن حتى أصبحت تلك الحقوق راسخة فى الدستور المصرى والمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.