الوفد يرفض الكوتة ويعتبرها تقسيماً طائفياً

الوفد يرفض الكوتة ويعتبرها تقسيماً طائفياً
دستوريون يؤكدون تعارض الكوتة مع مبدأ القانون

فؤاد بدراوي

 

أثارت مطالبة عدد من الفئات لكوتة لهم فى البرلمان بنصوص دستورية حفظية عدد كبير من المهتمين بالشأن السياسى المصرى خاصة بعد الثورات الأخيرة.

وأكد عدد من خبراء القانون الدستورى على فشل هذه التجربة فى الدول التى طبقتها مثل لبنان وبعض دول أمركيا الجنوبية، والتى رسخت إلى دولة طائفية وفئوية متنازعة الأطراف.
كما رفضوا وقوع الدول المصرية بعد ثورتين بين شقى رحى والنزاعات الطائفية على نسب التمثيل فى مجالس الدولة التشريعية، ولفت عدد آخر إلى خطورة «الكوتة» التى تتعارض مع مفاهيم القانون الذى ينص على المساواة بين جميع الفئات والطبقات، مؤكدين أن الكوتة هو لفظ مستحدث على القانون ويتنافى مع تطبيقاته.
فأعرب فؤاد بدراوى، سكرتيرعام الوفد، عن رفضه البالغ لمبدأ الكوتة فى الدستور لأى فئة من فئات المجتمع، معتبراً إياها تقسيماً فئوياً بين فئات الشعب المصرى.
وأكد «بدراوى» أن المجالس التشريعية فى السنوات السابقة عملت دون الحاجة إلى كوتة إلى أى من الفئات سوى العمال والفلاحين التى وضعها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لمناصرة الفلاحين الكادحين.
واعتبر «بدراوى» الفئات التى تطالب بالكوتة وإلا مقاطعة الدستور، هى فئات تبحث فقط عن مصلحتها الشخصية ولا تريد مصلحة الوطن بأى شكل كان.
وأيده الدكتور محمود السقا، نائب رئيس حزب الوفد، أستاذ القانون فى جامعة القاهرة، فى رفض مبدأ الكوتة فى الدستور، مشيراً إلى أنه تقسيم طائفى بين فئات الشعب المرفوض بموجب القانون.
وأكد «السقا» أن لفظ كلمة «كوتة» هو لفظ عامية مستحدث لا يستخدمه القانون، لافتاً إلى تعارضه مع القانون وتطبيقه، موضحاً أن القانون معناه المساواة بين فئات المجتمع.
وأشار إلى أن مطالبة بعض الفئات بتطبيقها عدم الشعور بالمسئولية تجاه المجتمع والقوانين، حيث إن حرية الترشح على مقاعد المجالس التشريعية مكفولة للجميع وعلى الفئات المطالبة بالكوتة الترشح، معتبراً الكرة فى هذه الحالة فى ملعب الناخب الذى سيختار من يمثله فى كل دائرة، موضحاً أن الكوتة فى هذه الحالة تجبر الناخب وتحد من حريته فى اختيار المرشح الملائم له فى مقابل ترشيح من أجبره الدستور على اختياره.
ومن جانبه، أوضح الدكتور أنور رسلان، عميد كلية الحقوق سابقاً، أن تطبيق مفهوم الكوتة بالنسبة للمقاعد التشريعية أمر بالغ الخطوة وغير منصف، مشيراً إلى أن نسبة الشباب فى المجتمع تصل إلى أكثر من 60٪ وعدد النساء يفوق عدد الرجال بأكثر من مليون وبالتالى يستحق كل من الفئتين أكثر من نصف عدد مقاعد مجلس الشعب مثلاً، هذا غير كوتة الأقباط وكوتة العمال والفلاحين، قائلاً: «وبالتالى نصبح الآن أمام دستور طائفى لا جدوى منه تماماً مثل دستور لبنان الذى فشلت فيه تلك التجربة».
وقال «رسلان» إن أغلب الفئات المطالبة بالكوتة خاصة الشباب لا يمتلكون التكاليف المالية الباهظة التى ينفقونها على الدعاية الانتخابية فى ظل حالة البطالة بين فئة الشباب تحديداً، فكيف تم تحديد كوتة لهم وهم غير مستعدين لخوض التجربة فى أبسط صورها.
وطالب عميد كلية الحقوق سابقاً بضرورة مواجهة فكرة الكوتة بأفكار أخرى خلاقة وتأتى بثمارها مجتمعياً، على رأسها إنشاء عدد من الأندية والروابط والجمعيات التى تخدم وتطالب قضايا الفئات المختلفة فى المجتمع وتشارك بآرائها مع المجالس التشريعية فى البلاد.
وفى الشأن نفسه، استنكر الدكتور شوقى السيد، أستاذ القانون الدستورى، أن يصبح الدستور حلبة للصراع حول وضع نسب محددة لكل فئة من فئات الشعب المصرى، معتبراً هذا النمط تشويهاً للدستور وترسخاً لدولة الطائفية.
وقال أستاذ القانون الدستورى إنه يجب على المشرع أن يضع نصاً دستورياً يقول: «يجب أن تكون المقاعد متعادلة ومناسبة وتمثل بعدالة النسب المختلفة فى المجتمع المصرى»، بدلاً من وضع كوتة لكل فئة يصبح بموجبها الدستور والمجلس فئويان لا يتناسبان مع دولة وشعب أقاما ثورتين على الظلم والفساد.
وفى السياق نفسه، قال عبدالله خليل، الخبير القانونى، إن الدستور ينص على «جواز اتخاذ تدابير تميزية إيجابية لصالح الفئات المهمشة والضعيفة للنهوض بأوضاعها مجتمعياً».
مؤكداً أنه لا ينص على كوتة لأنه سيصبح بذلك دستوراً طائفياً فئوياً كما هو فى شأن دستور لبنان.
وأكد «خليل» أن المطالبة بالكوتة هو مفهوم خاطئ لدور الدستور وهذا الأمر يترك للمشرع ليقدر ما هى التدابير اللازمة لمعالجة أوضاع كل فئة وليس كل طائفة، وأضاف الخبير القانونى أن المطالبة بكوتة هو أمر طائفى بالدرجة الأولى ويضر بمصلحة المجتمع ويفتح الطريق أمام المنازعات الطائفية ويحول مصر إلى لبنان جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *