محمد فتحى يكتب|متحدث عسكرى بـ400 جنيه.. إخص!

محمد-فتحي

هذا المقال من النوعية التى يجب أن تبدأها بأن تقسم بالله العلى العظيم على حب جيش بلادك ودوره الوطنى واحترام القادة العسكريين، ثم يجب أن تقول بين كل جملة وجملة «مع احترامى لسعادتك» و«أرجو أن يتسع صدرك»، وكل هذه الجمل التى لن تعفيك من شتيمة الدراويش، التى نحتسبها عند الله طالما نكتب ما يرضيه ونستطيع أن نرد عنه يوم السؤال، وبينى وبينك الخبر مستفز، ولولا أنه نُشر على صفحات الشروق لما صدقته، ولولا أننى حتى وقت كتابة المقال ظللت متابعاً للموقع فى انتظار أى تكذيب أو اعتراض أو تصحيح للخبر، أو حتى حذفه، حتى لحظة كتابتى لهذه السطور، فوجدت الأمر كما هو لما كتبت هذا المقال.

الخبر عن ندوة للمتحدث العسكرى، العقيد أركان حرب أحمد محمد على، يتحدث فيها عن «أسرار» الفترة الانتقالية، ملبياً دعوة جمعية شباب الأعمال، بأحد فنادق القاهرة، علماً بأن «رسم» حضور الندوة هو 370 جنيهاً للمشتركين بالجمعية و400 جنيه لغير الأعضاء. لو أنك ترى أن الخبر عادى ومفيهوش حاجة أرجوك لا تكمل قراءة المقال، أما لو استفزك زى حالاتى فدعنا نتحدث فيه بمنتهى الأدب، وليرزقنا الله ثباتاً انفعالياً لا نصاب بعده بفقع الـ… المرارة طبعاً.

يعنى إيه المتحدث العسكرى يحضر ندوة فيتحدث فيها عن «أسرار» المرحلة الانتقالية؟ وكيف يتحدث أصلاً عن «أسرار» لها علاقة بطبيعة عمله التى يفترض أنها محاطة بسرية؟ وكيف يرضى بهذا العنوان لندوة يحضرها؟ ولماذا جمعية شباب الأعمال تحديداً؟ ثم دعك من كل هذا ولنركز فى المهم: هو المتحدث العسكرى بـ400 جنيه؟

يعنى هذه هى قيمته وقيمة المنصب الذى يحمله؟ هل رضيها لنفسه؟ وهل رضيها له قادته الذين وافقوا له على حضور ندوة بهذه القيمة البخسة التى لا نعرف لها مقابلا؟

وأين ستذهب الـ400 جنيه؟ لصالح من؟ وهل هى ثمن حضور الندوة فقط؟

يعنى لو فكر أحدهم فى التصوير بجوار الأخ أحمد فهل سيدفع رسوماً أكثر؟ وهل المصافحة لها سعر؟ وهل الصورة + المصافحة + الندوة عليهم عرض؟ وهل يمكن لمن يحضر الندوة ويصافح ويتصور أن يأخذ مع كل ذلك «بطاطس فريسكاس» وزجاجة مياه «صافى» مع 2 كيلو مكرونة الملكة؟ ومتى نرى أحمد على بالمرة على روتانا سينما؟ ومتى نستفيد منه كأحد روافد الدخل القومى لمصر فى الفترة القادمة ما دامت ندوته بـ400 جنيه؟

يعنى تخيل لو أن هذه الندوة العظيمة عند الهرم ويصحبها ركوب الجمل، وفكر فى الفائدة التى ستعم على مصر!!

هل أنت غاضب من التشبيهات، غاضب وتريد شتيمة الكاتب على اعتبار أنه قليل الأدب؟

دعنى أخبرك أن قلة الأدب هى أن يكون هذا الخبر بهذه التفاصيل التى نشرتها «الشروق» صحيحاً، ولتسأل نفسك: ما وظيفة المتحدث العسكرى باسم القوات المسلحة أصلاً؟ ولماذا تم استحداثها؟ وهل يفترض به أن يكون «جاذباً للنساء»؟ وهل يفترض به أن يلبى دعوات الإفطار والسحور فى رمضان لتخرج صوره ويتاجر الجميع بها، ويُشتم بسببها، ويأخذ «تعويرة» معنوية فى وجهه وفى وجه وظيفته التى يفترض فيها الرصانة والصرامة وعدم التدخل فيما لا يعنيه بعيداً عن مكالماته الودية أحياناً مع بعض المذيعين للتعليق على كلام ضيف ما أو الاعتراض عليه أو معقباً بشكل ودى عند رئيس تحرير هنا أو هناك على مقال من المقالات؟ أذكر أننى بعثت برسالة لأحمد على فى رمضان الأخير مؤكداً له أننى -كمصرى- تأذيت من ظهوره فى إحدى المناسبات واستغلال صوره بشكل فج مع النساء اللواتى التقط معهن بعض الصور فى هذه المناسبة، وظننت، وبعض الظن إثم، أن الرجل سيفكر ملياً فى خطواته، لكن أحمد على -الذى عقّب أحد كبار ضباط الجيش، غير راضٍ، على أدائه قبل عدة أشهر فى تسجيل مسرب شهير أمام الفريق السيسى نفسه- لا يبدو أنه يدرك أنه يحرق نفسه، ويضع اسمه وسط لغط لا يليق بوظيفته ولا بطبيعته كمقاتل نال أعلى الدراسات، ولا أعرف كيف يوافق له «السيسى» على هذا الظهور لمجرد أنه جاذب للنساء، وما فائدة أن يكون جاذباً للنساء ولكلام كل من هب ودب؟

أقسم بربى، إننى حزين وأنا أكتب هذا الكلام، لكنها كلمة حق.. راجع نفسك يا سيادة العقيد لو سمحت.. نريدك مفخرة لمصر.. مفخرة بالخاء وليست بحروف أخرى. ولو صممت على ما تفعله، فأرجوك: ارفع ثمن التذكرة المرة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *