محمد فتحى يكتب | لماذا ساعدت «دورا» الثعلب سنقر؟!

محمد فتحى يكتب | لماذا ساعدت «دورا» الثعلب سنقر؟!

محمد-فتحي

أما «دورا» فهى الفتاة الصغيرة بطلة حلقات الكرتون العالمية الشهيرة التى تحمل اسمها، ويشاهدها الأطفال فى العالم، ولو سألت ابنك، أو ابنتك، سيحكى لك عنه بوصفه معلوما من الكرتون بالضرورة، لا سيما أنه مدبلج للعربية ويذاع على قناة «mbc3».. أما الثعلب سنقر فهو ذلك الثعلب المكار الذى يحاول أن يسرق من «دورا» وصديقها القرد «موزو» دائماً ما يحتاجانه فى نجاح مهمتهما التى يتعلمان فيها مع الأطفال الكثير، وبالتالى هو يمثل «محور الشر» فى الحلقات، وكعادة الشر: دمه خفيف جداً، وكعادة الخير، فى مسلسلات الكرتون فقط، فإنه ينتصر فى النهاية، وما إن يظهر الثعلب سنقر فى الحلقات حتى تطلب دورا مساعدة أصدقائها من المشاهدين وهى تسألهم: هل رأيتم الثعلب سنقر؟

وبالطبع تجد أبناءك يشيرون للثعلب الذى يختبئ فى مكان ما على الشاشة، وما إن تراه «دورا» حتى تطلب من أصدقائها أن يقولوا له: سنقر لا تسرق.. سنقر لا تسرق.. سنقر لااااااا تسرق!!

وعلى الفور يتوقف الثعلب ويهرب وهو يردد: زوغاااااااااان.

الحلقات تنتمى لاتجاه عالمى اسمه التعليم الترفيهى، أو الـedutainment؛ حيث يعتمد على غرس قيم وتعليم الأطفال فى مرحلة ما قبل المدرسة مبادئ الحياة وتمييز الأشياء والاتجاهات والتفكير المنطقى، وهو الاتجاه الذى بدأه من قبلها البرنامج الشهير «شارع سمسم» ذائع الصيت فى العالم أجمع، لكن ليس هذا هو المهم الآن.

فى حلقة عُرضت منذ فترة، وقع الثعلب سنقر ضحية ساحر، وتم حبسه فى زجاجة صغيرة من يفتحها لإنقاذه يدخل بدلاً منه فيها، ولأن «دورا» طيبة وتمثل الخير، فقد أرادت مساعدة سنقر، لكن سنقر يقدم على فعل غريب، فيحذر «دورا» من مساعدته حتى لا تُحبس بدلاً منه، وعلى الفور تقرر دورا خوض مغامرة أفرد لها المسلسل حلقتين كاملتين لتخرج سنقر من الزجاجة، وتبطل عمل الساحر، بمساعدة أصدقائها: القرد «موزو»، والخريطة، ومشاهديها من الأطفال فى المنازل الذين يرشدونها للطريق ويتفاعلون معها فيما تطلبه منهم.

حسناً.. عندى مشكلة يمكن تلخيصها فى السؤال: لماذا ساعدت دورا الثعلب سنقر؟

دعك من العبارات المحفوظة والمبادئ التى تغرس فى الأطفال بمساعدة الجميع حتى لو كانوا أعداءنا؛ فالواقع أن هناك مشكلة درامية فى كل حلقات الكرتون الأجنبية التى تتعاطى مع فكرة المساعدة والمسامحة والمصالحة والتعاون بين الخير والشر، وهى أن الخير يظل خيراً والشر يظل شراً، بمعنى أن توم حين يتعاون مع جيرى فى إحدى الحلقات لطرد خطر وعدو مشترك يتمثل فى كلب مثلاً، أو فى «قط» آلى يعمل بالروبوت، فإن الأمر لا يتعدى كونه حلقة استثنائية، تعود العداوة بين توم وجيرى فى الحلقة التالية مباشرة، وبشكل ربما أكثر شراسة، وهو نفس ما حدث فى حالة «دورا» والثعلب «سنقر»، فقد ساعدته «دورا»، لكنه فى الحلقة التالية عاد لدوره كلص يسرق منها كل ما يمكن أن يفيدها فى مهمتها، وبقى ممثلاً للشر ومصدر قلق ومضايقة لدورا.. والجديد، للأطفال الذين يشاهدون الحلقات، والذين يرددون نفس السؤال: لماذا ساعدت دورا الثعلب سنقر؟

الكرتون يشبه الحياة بشكل كبير، ولو جربت أن تشاهد الشخصيات السياسية التى تراها على الساحة بعينى طفل، ستعرف من منهم دورا ومن منهم سنقر، لكن يبقى السؤال: لماذا ساعدت دورا الثعلب سنقر؟ ولماذا تساعده مرة ثانية وثالثة ورابعة، ويتكرر منها نفس حسن النية الذى يصفه البعض بالغباء، وتتكرر منه نفس الخيانة والنذالة التى يعلم الجميع أنه جُبل عليها، فيما يسميه البعض تأدباً «مكر الثعالب»، لكن الأكيد والغريب فى الوقت ذاته أن دورا لا تزال تساعد سنقر وسنقر لا يزال يخدع دورا والجميع يشاهد نفس المسلسل بلا ملل، كما أن المسلسل لا يستطيع أبداً أبداً الاستغناء عن الثعلب سنقر، مهما كرهه المشاهدون، لأنه يحتاجه، وبشدة، فى حلقات جديدة ومواسم مقبلة.

 

 

 

 

المصدر:الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *