مجموعة سعودي القانونية

ابراهيم عبدالعزيز سعودي يكتب | الخطيئة السياسية والخطيئة القضائية

ابراهيم-سعودي-2

قراءة على هامش حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر جماعة الإخوان

رغم يقيني الكامل بأن جماعة الإخوان المسلمين معدومة الوجود القانوني ولا شرعية لها ولا سند لوجودها ، وكذلك يعتري البطلان جمعية الإخوان المسلمين التي جرى شهرها في يوم وليلة على خلاف كافة القواعد القانونية والإجرائية المتبعة .

غير أن هذا الانعدام القانوني للجماعة والعوار الاجرائي للجمعية لا يمكن بحال من الأحوال أن يبرر أو يسوغ ذلك الحكم الصادر على غير اختصاص من محكمة الأمور المستعجلة بحظر جماعة الإخوان المسلمين وجمعيتها وكل ما انبثق عنها الى آخر ما ورد بمنطوق الحكم  ، ذلك أن حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة يحمل تنكبا صريحا لأبجديات الاختصاص بين جهات القضاء وأنواع المحاكم ( ولائيا ونوعيا ) ، ويخرج خروجا صارخا على مقتضيات العدالة ، إذ تفتئت المحكمة على اختصاص غيرها ، لتنتزع اختصاصا ليس لها .
وبيان ذلك من الوجهة القانونية في إيجاز وتبسيط ـ وقد أفصل ذلك في دراسة مستقلة ـ  أن ما هو منسوب للإخوان المسلمين جماعة وجمعية لا يخرج عن أحد أمرين :
 فإما جرائم جنائية منسوبة لأعضاء في الجماعة وهذه مناط الاختصاص بها ينعقد للنيابة العامة وقضاة التحقيق والمحاكمة الجنائية الذين لهم وحدهم اتخاذ كافة التدابير العاجلة منها والعادية في كل خطر عاجل يهدد المصالح العليا للبلاد ، وهو ما حدث بالفعل في صورة قررارات للمنع من السفر والتحفظ على الأموال .
وإما أن يكون أمرًا يتعلق بعلاقة الجماعة والجمعية بالدولة سلبا وايجابا فيكون كل ما يتعلق بتقاعس الدولة تجاه اتخاذ ثمة اجراء بحل الجمعية والجماعة أو حظرهما فهي قرارات إدارية سلبية ينعقد مناط الاختصاص بها لمحكمة القضاء الاداري دون غيرها ، ويكون العاجل من هذه الشئون من اختصاصها أيضا بشق مستعجل يتعلق بوقف تنفيذ القرار الاداري السلبي ، وهو أمر مطروح بالفعل في شقه العاجل والموضوعي على محكمة القضاء الإداري ولم تقل فيه قولاً بعد .
أما  القضاء المستعجل فما هو الا فرع من فروع القضاء المدني العادي ، ومن ثم فالخطر والاستعجال لا يمنحانه وحدهما الاختصاص ؛ وإنما يجب أن تكون المسألة ابتداءًا تدخل في ولاية القضاء العادي حتى يتصدى بعد ذلك لتوافر شروط الدعوى المستعجلة من عدمه ، فالاختصاص يسبق الشكل والقبول على نحو ما يعرف المبتدئون في القانون قبل الراسخين فيه .
وجل رجال القانون إن لم يكن كلهم يعرفون هذه الحقائق الراسخة بوصفها بديهيات مفترضة ، غير أن نفراً منهم يلتفت عن ذلك ـ بزعم أنه يدافع عن القضاء ـ  لما يحققه الحكم من ترضية رأي عام وتحقيق غاية سياسية يتطلع اليها ويرغب فيها ، وتلقى قبولا واستحسانا شعبيا وهوىً وهوساً إعلاميا لدى قطاع عريض من المصريين  ، لذا يخرج علينا رجال قانون يبررون ما لا يقبل التبرير ، وهم في ذلك لا يختلفون في قليل أو كثير عن رجال قانون دولة مرسي الذين كانوا يهاجمون القضاء والأحكام لغايات سياسية ترضي الرئيس السابق وجماعته على حساب العدل والقانون والدستور  .
إن الهجوم على أحكام القضاء لأغراض وأهواء سياسية يستوي مع الدفاع عنها لذات الأغراض والأهواء ذلك أن الخطايا السياسية مهما عظمت تهون الى جوار الخطيئة القضائية التي تضرب العدالة في مقتل قد يجهز عليها بدلا من أن يضمد جراحها التي تؤلمنا جميعا