تفاصيل جلسة “خاطفة” غاب عنها مرسي
أجلت محكمة جنايات القاهرة اليوم الأربعاء، في جلسة “خاطفة” محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، و14 آخرين، في قضية أحداث “قصر الاتحادية” الرئاسي إلى جلسة أول فبراير/شباط المقبل، لإحضار الرئيس السابق من محبسه.
وقال مراسل الأناضول الذي حضر جلسة المحاكمة وأجريت وسط إجراءات أمنية مشددة إن هيئة المحكمة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، شرقي القاهرة، عقدت الجلسة لمدة لا تزيد عن 3 دقائق فقط أعلنت خلالها تأجيل المحاكمة إلى 1 فبراير/شباط المقبل.
وفور أن اعتلت هيئة المحكمة المنصة، أعلن رئيسها القاضي أحمد صبري يوسف أن المحكمة تلقت مذكرة من وزارة الداخلية، “تفيد بتعذر إحضار المتهم محمد مرسي من محبسه بسجن برج العرب بمحافظة الاسكندرية (شمال)، وذلك نظرا لسوء الأحوال الجوية، طبقا لما أكده خبراء الطيران والأرصاد”، وعليه فقد قررت المحكمة التأجيل.
وكان مدير أمن الإسكندرية، أمين عز الدين، قد أفاد في وقت سابق من اليوم أنه تعذر نقل مرسي لمقر محاكمته في أكاديمية الشرطة “لسوء الأحوال الجوية”.
وجاءت تصريحات عز الدين بعد أن صرح مسؤولون أمنيون أمام مقر المحاكمة للصحفيين لدى وصول مروحية إلى ساحة أكاديمية الشرطة في وقت سابق اليوم، أنها تقل مرسي من محبسه بسجن العرب بالإسكندرية (شمال مصر)، وهو ما أكده أيضا التلفزيون الرسمي قبل أن ينقل عن عزالدين قوله إنه تعذر نقل مرسي بسبب “سوء الأحوال الجوية”.
كما أوضح مصدر مسؤول بمطار برج العرب اليوم، أن “سوء الأحوال الجوية، تسبب في تغيير مسار رحلة كان مقرر لها الهبوط بالمطار صباح اليوم”، مشيرا إلى أن “الرحلة كانت قادمة من دبي، ولسوء الأحوال الجوية تم منع الطائرة من هبوطها بالمطار وهبطت بمدينة قبرص”.
في المقابل، حمل “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” الداعم لمرسي، في بيان السلطات الحالية مسئولية “سلامة” مرسي، محذرا من أن “تعرض أي مكروه للرئيس سيضع الوطن في مواجهة المجهول”.
وأعرب التحالف عن “قلقه البالغ علي الرئيس، إزاء منع الزيارات عنه في الفترة الأخيرة والإعلان عن عدم وصوله اليوم الي مقر اكاديمية الشرطة ومنع بعض المحامين وأسر المعتقلين من دخول قاعة المحاكمة، دون مبرر قانوني أو منطقي”، داعيا إلي “الحشد على مدار اليوم، والتأهب للتصعيد الثوري وفق التطورات الميدانية”.
وبحسب مراسلي وكالة الأناضول داخل قاعة المحكمة، فإنه تأخر انعقاد الجلسة عن موعدها المقرر في العاشرة صباحا (8 تغ) نتيجة انتظار هيئة المحكمة، لحين حضور مرسي، حيث يوجب القانون “حضور المتهم في جناية ومثوله أمام المحكمة داخل قفص الاتهام، لبدء الإجراءات”، ولكن بعد وصول خطاب الداخلية اعتلت المحكمة المنصة بكامل هيئتها في الحادية عشر وعشر دقائق صباحا (9:10 تغ) بحضور فريق النيابة العامة.
وقبل بدء الجلسة قامت قوات الأمن بإدخال المتهمين الـ7 الذين حضروا جلسة اليوم إلى قفص الاتهام وما أن دخل عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) لقفص الاتهام في قاعة المحكمة، حتى هتف قائلا: “إننا (المتهمون) تم إحضارنا إلى المحكمة منذ الساعة الواحدة والنصف صباحا (23.30 تغ) وتم وضعنا تحت الإقامة الجبرية”.
وسارعت قوات الأمن إلى إعادة العريان إلى الغرفة الملحقة بقفص الاتهام، التي يوضع المتهمون بها قبل بدء الجلسة، بعد الكلمة التي ألقاها، ولم تقم بإدخاله مجددا قفص الاتهام إلا قبل بدء الجلسة بدقائق قليلة”، في حين أثارت كلمة العريان انتقادات حادة بين عدد من المحامين المدعين مدنيا.
ومن داخل قفص الاتهام أيضا قال القيادي في حزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي، إنهم دخلوا قفص الاتهام بـ”القوة”، مشيرا إلى أنهم مستمرون في الإضراب عن الطعام الذين بدأوه منذ عشرين يوما، على حد قوله.
ونفى مراسل الأناضول الذي حضر المحاكمة الأنباء التي تحدثت في وقت سابق عن سقوط البلتاجي مغشيا عليه في القاعة.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من السلطات المصرية على ما ذكره القياديان بجماعة الإخوان، غير أن تصريحات أمنية سابقة نفت اتهامات مماثلة بـ”سوء معاملة”، قيادات بالإخوان داخل السجون.
وخارج قاعة المحكمة، شددت الأجهزة الأمنية إجراءاتها بمحيط أكاديمية الشرطة، حيث وضعت قوات الأمن أسلاك شائكة على بعد 3 كيلو متر حول مقر المحاكمة، كما نشرت عدد من التشكلات الأمنية لمسافة 2 كيلو متر إضافية خارج تلك الأسلاك، بحسب مراسلي الأناضول بمحيط الأكاديمية.
كما جرت عملية التأكد من هوية وتصاريح الحضور من محامين وصحفيين وإعلاميين وتفتيشهم، على 6 مراحل قبل مدخل البوابة الثامنة المخصصة لدخول حاملي التصاريح.
وقال أسامة مرسي، نجل الرئيس المصري السابق، في تصريحات لوكالة الأناضول، من محيط مقر المحاكمة، إنه تم منعه من حضور محاكمة والده، مشيرا إلى أن منعه يأتي “ضمن إجراءات قمعية لا تنتهي من سلطات انقلابية انتقامية”.
وأضاف: “أنا أحمل توكيلات كمحام عن عدد من المتهمين في القضية الباطلة، وما يتم هو إجراء انتقائي ضدي، وضد الرئيس، ومحاولة للتأثير علي صموده”، غير أن مصدر أمني قال إن “سبب منع أسامة مرسي هو عدم حصوله على تصريح قضائي لحضور المحاكمة”.
كما وصل وفد قانوني دولي يزور القاهرة منذ الاحد الماضي، إلى محيط مقر المحاكمة، صباح اليوم، ساعيا لدخول الجلسة “كمراقبين”، غير أنه لم يتمكن من الدخول، بحسب ما أدلى به منسق الوفد في تصريحات سابقة لوكالة الأناضول.
فيما تظاهر عدد من مؤيدي ومعارضي مرسي أمام الحواجز والأسلاك الشائكة الموجودة بمحيط مقر الأكاديمية، حيث ندد المؤيدون بالمحكمة وطالبوا بالإفراج عن مرسي، فيما ردد المعارضون هتافات من بينها “الإعدام لمرسي”.
وقالت وزارة الداخلية في بيان ظهر اليوم، إن “قوات الشرطة المُكلفة بتأمين نطاق مقر محاكمة, تمكنت صباح اليوم من ضبط 17 من أعضاء وأنصار تنظيم الإخوان الإرهابى لقيامهم بأعمال شغب.. وتم إتخاذ الإجراءات القانونية قبلهم”.
كما فضت قوات الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع مسيرة لمؤيدي مرسي في الحي العاشر، بمدينة نصر، على بعد عدة كيلومترات من مقر المحاكمة، حيث كانت المسيرة متوجهة نحو أكاديمية الشرطة، بحسب شهود عيان.
وكانت تلك المسيرة واحدة من عدة مسيرات وسلاسل بشرية نظمها مؤيدون لمرسي اليوم، في القاهرة وعدد من المحافظات، بالتزامن مع الجلسة الثانية لمحاكمة مرسي، تلبية لدعوة “التحالف الوطني لدعم الشرعية” قبل أيام للتظاهر الأربعاء تحت عنوان “الشعب يدافع عن ثورته”.
من جانبه، قال أسامة الحلو، عضو الهيئة القانونية للدفاع عن متهمي “قصر الاتحادية” الرئاسي، إن “الجلسة الثانية للمحاكمة كانت خاطفة”، مشيرا إلى أنه حضر مع 3 محامين فقط من هيئة الدفاع الجلسة “من أجل تقديم طلب للمحكمة بحضور كل أعضاء هيئة الدفاع الـ50 للجلسة، وليس الـ14 الصادر لهم تصاريح أمس فقط بالحضور، غير أننا لم نتمكن من تقديم الطلب لسرعة إنهاء الجلسة”.
فيما قال على كمال، عضو الهيئة، في تصريحات للأناضول، إن عدم نقل مرسي إلى مقر المحاكمة، واستغراق جلسة اليوم 3 دقائق فقط، ثم إعلان تأجيلها، هي ” قرارات سياسية لتمرير الدستور”، المقرر منتصف الشهر الجاري.
ولفت إلى أن “السلطات المصرية كانت مضطرة لعدم إظهار مرسي في جلسة اليوم حتى لا يرسل رسائل إيجابية لمؤيديه تؤثر سلبا على الاستفتاء”.
وكان مؤيدي مرسي اعتبروا ظهوره في الجلسة الأولى من محاكمته مرتديا زيا مدنيا، مخالف لقواعد الحبس الاحتياطي، رسائل إيجابية لهم.
فيما قال محمد الدماطي المتحدث باسم فريق الدفاع عن متهمي “قصر الاتحادية” في تصريحات صحفية عقب انتهاء الجلسة، إن “الإجراء القانوني الذي اتخذه القاضي اليوم بتأجيل المحاكمة، وعدم الاستماع لأي دفاع من الجهتين، هو إجراء قانوني مئة بالمئة”، مشيرا إلى أنه “لا يجوز اتخاذ أي إجراء في غيبة أحد المتهمين، وأن المحكمة لم تكن تملك إلا التأجيل”.
واعتبر الدماطي “عدم حضور مرسي بسبب سوء الأحوال الجوية بأنه تلكيكة (ذريعة) أمنية لأن اليوم هو أفضل أيام الأسبوع من حيث الطقس”.
وحول توكيل مرسي لأحد المحامين، قال الدماطي إن “مرسي لا يزال مصرا على عدم توكيل محامين للدفاع عنه، وأن المحكمة طلبت من نقابة المحامين توكيل محامين للدفاع عنه، وبالفعل وكلت النقابة ثلاثة محامين، هم سيد حامد، محمد فرحات، ثروت محمود”. وهو ما لم يتسن التأكد منه على الفور من نقابة المحامين المصريين.
وأوضح الدماطي، أنه في الجلسة المقبلة قد يلجأ مرسي إلى “توكيل أحد المحامين لتفادي هذا الإجراء المتخذ من قبل المحكمة وأنه في حالة توكيل مرسي لأحد المحامين فهذا لا يعد اعترافا رسميا منه بالمحاكمة، لأن المحامي الذي سيكلف بالدفاع عنه لن يطلب إلا طلب واحد فقط، وهو الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا لنظر الدعوى، لأنها محكمة غير مختصة بمحاكمة الرئيس، وفي هذه الحالة يكون ذلك تأكيدا على رفض مرسي للمحاكمة”.
وأشار إلى أن “محاكمة الرئيس (مرسي) تتم وفقا للمادة 152 بالدستور المصري (المعطل) والتي تشترط موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب (المنحل)”.
وتنص المادة (152) في دستور 2012 (المعطل) على: “يحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام، وإذا قام بأحدهم مانع حل محله من يليه في الأقدمية”.
من جهته توقع أيمن ناهد،عضو هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية “قصر الاتحادية” الرئاسي، عدم حضور مرسي، الجلسة الثالثة لمحاكمته في القضية المقررة في 1 فبراير/شباط المقبل، وكذلك عدم حضوره الجلسة الأولى في قضية الهروب من سجن “وادي النطرون” (شمال) المقررة في 28 من الشهر الجاري.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول عبر الهاتف قال ناهد: “أتوقع ألا يحضر الرئيس مرسي الجلستين المقبلتين لمحاكمته لدواع أمنية، أو لأي سبب آخر قد تخرج به السلطات الحالية لمنع ظهوره”.
يشار إلى أن جلسة اليوم هي ثاني جلسات محاكمة مرسي و14 متهماً آخرين، بينهم 7 يحاكمون غيابيا، بتهمة التحريض على قتل 3 متظاهرين معارضين نهاية 2012، أمام قصر الاتحادية الرئاسي (شرقي القاهرة)، في واقعة شهدت أيضًا مقتل 8 من جماعة الإخوان المسلمين، المنتمي إليها مرسي.
المصدر | الصحوة