عبد الرحمن يوسف يكتب| أن تتظاهر باحترامك للقانون

عبدالرحمن-يوسف

المطلوب منك أيها المواطن المصرى إذا اختلفت مع حاكمك أن تعترض سلميا، ومن وسائل الاعتراض أن تتظاهر، ولكن لا بد أن تتظاهر باحترامك لنفسك وللقانون الذى ينظم حقك فى التظاهر.هذا ما يقنعنا به من يحكم مصر اليوم، ولكن المشكلة أن الحاكم نفسه يحاول أيضا أن «يتظاهر» باحترام القانون، ومن الواضح أن محاولته قد فشلت!قانون التظاهر الجديد عبارة عن بيان عسكرى أو فرمان «قراقوشى» يتظاهر بأنه قانون، ومن المفترض الآن أن نتظاهر نحن باحترامه، أما إذا تظاهرنا ضد هذا القانون فنحن طابور خامس، أو خوارج دمهم مباح، ومن حق الحاكم أن يضرب فى المليان حسب الفتوى العسكرية الشهيرة.خلاصة القانون أنك إذا أردت أن تعارض حاكمك فلا بد أن تعارضه فى المكان والزمان المناسبين له هو، ولا بد أن تعارضه بالطريقة التى ترضيه، وبعد إذنه، ودون أن تزعجه، لأن مهمته فى حكم الأمة مهمة مقدسة، وأنت بتظاهرك تسبب له إزعاجا، وتشتت تركيزه عن تلك المهمة المقدسة، كما أنك أيها المتظاهر من الوارد أن يكون شخص ما أو جهة ما قد استغلتك، أو غررت بك، من الوارد جدا أن تتظاهر وأنت تعتقد أنك تخدم الوطن، أو أنك تتظاهر من أجل غد أفضل..

كل هذه الأوهام لا يمكن أن يسمح بها الحاكم الملهم الذى يسبح باسمه الشعب المصرى كله بلا استثناء، وكل من يخرج عن هذا الإجماع فلا يستحق إلا أن يواجه بفتوى تبيح دمه، أو بقانون مثل قانون التظاهر، ومهما تظاهر المواطن معترضا على ذلك، سيتظاهر النظام بأنه يطبق القانون!هذا القانون لا يصدره إلا من يضمر الشر، لذلك ستجد المخلوع مبارك قد حاول إصداره، وكذلك مجلس طنطاوى، وكذلك الرئيس المعزول مرسى، وأخيرا..

سلطات الانقلاب.هذا القانون ينافس قانون تمديد الحبس الاحتياطى، وهو محاولة لإرهاب الأمة مثل توسيع مفهوم الإرهاب وقانون الضبطية القضائية، وهو إخلال بحق أصيل استعاده المصريون بدمائهم، هكذا تقول منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى.السيد رئيس الوزراء تظاهر بدوره باستشارة هذه المنظمات، ولكنه لم يخبرنا ما هذه المنظمات التى وافقت على هذا المرسوم الذى يتظاهر باحترام حقوق الإنسان المصرى؟

إذا أردت أن تعرف رغبات وزارة الداخلية (التى لم يهتم أحد بإعادة هيكلتها حتى الآن) فانظر فى مواد هذا القانون، فهو يطلب من رجال الأمن أن يتظاهروا بتحذير التظاهرة بإجراءات شكلية، ثم بعد ذلك (عينك ما تشوف إلا النور)، ولكن بالقانون!الفرمان المذكور يسلب المواطن حقه فى الاعتصام، كما يمنع الاقتراب من العديد من الجهات مثل دور العبادة والبرلمان وأقسام الشرطة وغيرها لمسافة تتراوح بين 50ــ100متر، كما أنه يوقع عقوبة السجن والحبس والغرامة، لمخالفة بعض نصوص القانون.هل يحلم أى جهاز أمنى مستبد بأكثر من ذلك؟هذا القانون لن يمر، وإذا مَرَّ سيسقط، وعلى الجميع الآن اللجوء إلى الشارع، ودعم الحراك السلمى فى الشارع، وتوجيهه ضد القضية الحقيقية وهى مقاومة دولة الاستبداد الجديد التى تحلم بأن يكون لها مكان فى مصر.تظاهروا، لكى يسقط من يتظاهر باحترام القانون!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *