مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوى يكتب | عن الرئاسة والسياسة (1 ــــــ 2)

عمرو حمزاوى يكتب |  عن الرئاسة والسياسة (1 ــــــ 2)

عمرو حمزاوي

1ــ سجلت فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ومرات متعددة خلال الأشهر الماضية أن تدخل الجيش فى السياسة سيدفع بالعلاقات المدنية العسكرية بعيدا عن الجوهر الديمقراطى المتمثل فى إدارة المدنيين المنتخبين (أو ذوى الشرعية الانتخابية) للسلطتين التشريعية والتنفيذية وقبول المؤسسات العسكرية والأمنية لرقابة المدنيين المنتخبين، ثم جاءت الوثيقة الدستورية التى وضعت فى ٢٠١٣ واستفتى عليها الشعب فى ٢٠١٤ لتقر هذا الخروج عن الجوهر الديمقراطى بوضعية المؤسسة العسكرية الاستثنائية ــ بشأن تشريعاتها وموازناتها وتعيين وزير الدفاع، ولتعمق من هيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى على الدولة والمجتمع والسياسة بتمرير استمرار محاكمة المدنيين عسكريا وتغييب منظومة فعالة للعدالة الانتقالية تضمن التزام المؤسسات العسكرية والأمنية بالحقوق والحريات وتحاسب على الانتهاكات.٢ــ سجلت فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ومرات متعددة خلال الأشهر الماضية أن قبول القطاع الأوسع من النخب المدنية والحزبية التى ترفع (زيفا) لافتات الديمقراطية وسيادة القانون والدولة العصرية لهيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى على السياسة ومشاركتهم فى تمرير نصوص دستورية وقانونية قمعية وتبرير ممارسات قمعية تهدد الحقوق والحريات سيحد كثيرا من قدرة النخب المدنية والحزبية على الاضطلاع بدور مستقل فى الحياة السياسية وسيضعها فى إطار التبعية للمكون العسكرى ــ الأمنى وسيفقدها المصداقية والقبول الشعبى وسيدفع بالمواطنات والمواطنين بعيدا عنها، ثم حملت تطورات الأشهر الماضية بما فى ذلك الترشيحات المحتملة لرئاسة الجمهورية والتكهنات بشأنها ما يدلل على ذلك بوضوح ــ لا نعلم إلى اليوم إن كنا سنجد مرشحا مدنيا واحدا أم لا.٣ــ سجلت فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ومرات متعددة خلال الأشهر الماضية أن للمؤسسة العسكرية دورا وطنيا وحيويا فى مواجهة الإرهاب والعنف والحفاظ على تماسك الوطن والدولة والمجتمع وأن هذا الدور لا يستدعى لا تفويضا شعبيا ولا انغماسا للجيش فى السياسة وتفاعلاتها وتفاصيلها ولا تهميشا منظما لأدوار مؤسسات الدولة الأخرى، ثم حدث التفويض الشعبى وتواصل تدخل الجيش فى السياسة وها هو يفضى بنا إلى ترشح محتمل لوزير الدفاع لرئاسة الجمهورية وربما إلى ترشح آخرين ذوى خلفيات عسكرية.٤ــ سجلت فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ومرات متعددة خلال الأشهر الماضية أن مواجهة الإرهاب والعنف تحتاج إلى الحلول الأمنية الملتزمة بالقانون وبضمانات الحقوق والحريات وإلى حلول مجتمعية وسياسية تقلل منسوبى الاستقطاب والكراهية وأن مصر لا ينبغى أن تدفع مجددا باتجاه بحث أحادى عن «البطل المخلص» أو «المنقذ» لأن ذلك يتناقض مع جوهر وشروط الديمقراطية، ثم أطلقت على الناس وعلى الرأى العام أصوات ووسائط سياسية وإعلامية لم تفعل إلا الترويج للحلول الأمنية وللبطل المخلص وباعدت مع إفك تخوين وتشويه وإسكات المعارضين بين النقاش السياسى وبين إمكانيات التناول الموضوعى لدور الحلول الأمنية والمجتمعية والسياسية فى مواجهة الإرهاب والعنف والتأكيد على الأدوار الجوهرية لمؤسسات الدولة والمجتمع المختلفة وليس فقط المؤسسة الواحدة أو البطل المخلص.٥ــ سجلت فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ومرات متعددة خلال الأشهر الماضية أن تدخل الجيش فى السياسة ومع وضعية «التبعية» التى قبلتها النخب المدنية والحزبية ومع منسوبى الاستقطاب والكراهية المرتفعين فى المجتمع ومع تواصل أعمال الإرهاب والعنف التى تهدد حق المواطن فى الحياة وتفرض على الشعب وضعية «الرهينة الخائفة» ستؤدى مجتمعة إلى انتقاص حاد من الإمكانيات الفعلية للمنافسة السياسية وتعصف بقاعدة تكافؤ الفرص بين الآراء والمواقف والأشخاص وتجدد دماء سلطوية الرأى الواحد والموقف الواحد والبطل المخلص الواحد، ثم ها نحن نطالع الآن كل هذه الحقائق فى الواقع المصرى وبجلاء شديد.

المصدر:الشروق