عمرو حمزاوى يكتب | عن المعتقلين وانتهاكات أخرى
ليس من المسئولية الوطنية فى شىء أن يتواصل الصمت الرسمى والتجاهل الإعلامى لملف المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين احتياطيا دون إجراءات تقاضى نزيهة وعلنية.
حق لهم ولذويهم، حق للأصوات وللمجموعات المدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، حق للمواطن وللرأى العام فى مصر أن تعلن الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية المختصة بدقة ودون لبس عن أعدادهم، وأوضاعهم، وأماكن احتجازهم، والموجه إليهم من اتهامات، وصحف الإدعاء وأوامر الإحالة والقضايا التى هم على قوائمها.
ليس من المسئولية الوطنية فى شىء أن تواصل الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية تغييب الحقائق وتمنع تداول المعلومات بشأن المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين من طلاب الجامعات ومن غيرهم، من الشباب ومن غيرهم، من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ومن غيرهم.
ليس من المسئولية الوطنية فى شىء أن يعانى ذوو المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين ومعهم المحامون المكلفون بالدفاع عنهم والمنظمات والشبكات الحقوقية طويلا إلى أن يتثبتوا من أماكن الاحتجاز أو إلى أن يسمح لهم بالتواصل وتقديم الدعم الإنسانى.
ليس من المسئولية الوطنية فى شىء أن تكون بعض الرسائل المسربة من أماكن الاحتجاز وروايات الأهل والأصدقاء وتحقيقات نفر من الصحفيين ومن العاملين فى المنظمات الحقوقية هى المصادر الوحيدة للقليل من الحقائق والمعلومات عن المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين، بينما تغيب التقارير والبيانات الرسمية.
ليس من المسئولية الوطنية فى شىء أن تتداول مواقع متنوعة على شبكات التواصل الاجتماعى بعض المعلومات وبعض الروايات الشخصية عن ممارسات تعذيب وانتهاكات للحقوق وللحريات يتعرض لها بعض المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين، ولا تفعل الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية إلا النفى التام ورفض تشكيل لجان تحقيق أو تعلن التحقيق الفورى/ المفاجئ فى «أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز ومن بهم» (كما فعل النائب العام منذ بضعة أسابيع) ولا يعلم الرأى العام شيئا عن نتائج التحقيق أو سيره.
ليس من المسئولية الوطنية فى شىء أن يستمر انزلاق مصر إلى وضعية الانتهاكات الممنهجة للحقوق وللحريات، وأن تتسع جغرافيا للظلم والمظالم والسلم الأهلى، وأن يبرر ذلك زيفا بسوء الأوضاع الداخلية.
تحصين مصر داخليا يبدأ بصون الحقوق والحريات واحترام المواد الدستورية والنصوص القانونية الضامنة لها والقضاء على الظلم والمظالم وإنهاء وضعية الانتهاكات الممنهجة، وبفك الاشتباك المصطنع بين صون الحقوق والحريات وبين الدفاع عن الدولة وتماسك أجهزتها وسلطاتها ومؤسساتها.
تحصين مصر فى وجه الانفجارات والكوارث الإقليمية شرقا وغربا وجنوبا يبدأ باستعادة السلم الأهلى، بتمكين كل القوى المجتمعية من المشاركة فى إدارة الشأن العام شريطة التزام السلمية والعلنية، بالتوافق على المصالح الوطنية المصرية دون تخوين أو تعريض أو تشويه أو صيغ اتهامية أو اصطناع التناقض بينها وبين التضامن مع فلسطين ومجمل المصالح العربية، بتجاوز انتهاكات الحقوق والحريات.
انظروا إلى جرائم الإبادة الإسرائيلية فى غزة، إلى أشلاء الدول الوطنية فى العراق وسوريا وإلى طائفية منظومات الحكم/ السلطة وجرائمها وجرائم الحركات المتطرفة كداعش وغيرها، إلى أوضاع ليبيا ومأساة العمالة المصرية، إلى الإرهاب الذى يهاجم سيناء والفرافرة وغيرهما، انظروا إلى كل هذا لتدركوا أن مصر تضار من انتهاكات الحقوق والحريات التى تهدد السلم الأهلى وأن جغرافيا الظلم والمظالم تحد من قدراتنا الجماعية على مواجهة الانفجارات والكوارث الإقليمية وتحجيم تداعياتها السلبية علينا. ثقوا فى أننا لا نملك ترف الصمت عن ملف المعتقلين/ المحتجزين/ المحبوسين أو تجاهل انتهاكات أخرى.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.