عمرو خفاجى يكتب | «الاستهداف» هو الحل
سألت أحد خبراء البنك الدولى صراحة عن مدى التفاؤل الذى يمكن أن نتوقعه تجاه تحقيق العدالة الاجتماعية فى مصر، وبصراحة عندما طرحت السؤال كنت أتوقع العديد من الإجابات إلا ما تفضل به الرجل، بأن التفاؤل كبير، والأهم أن مصر تدعم هذا التفاؤل الآن، وأشار بوضوح إلى أن حكومة الدكتور حازم الببلاوى تعمل بجدية شديدة فى هذا الاتجاه، والرجل فى ذات الإجابة، أشار بوضوح إلى أن تحقق العدالة الاجتماعية غير قائم فى بلدان كثيرة من بينها بلدان متقدمة، وأن الوضع فى مصر ليس بالسوء الذى نروج له. الرجل قال فى حواره الطويل معى، إن أهم ما يجب أن تفعله مصر من أجل الوقوف على الطريق الصحيح للعدالة الاجتماعية، ما سماه بـ«الاستهداف» أى استهداف المواطنين المستحقين لحماية الدولة الاجتماعية، وإبعاد غير المستحقين الذين يعطلون كثيرا تحقيق هذا النوع من العدالة.خبير البنك الدولى، كشف عن أهم برامج الحماية الاجتماعية وهو البرنامج البرازيلى الذى وضعه لولا دى سيلفا، وهو البرنامج الذى تم الاحتفال بمرور عشر سنوات على بدء تطبيقه قبل يومين، والذى حقق نتائج مذهلة، كانت بدايته فى غاية الضعف ولم يقبل عليه البرازيليون، إلا أنهم أقبلوا عليه بالتدريج بعدما اكتشفوا فاعليته، ونفس القصة حدثت فى تطبيق برنامج مشابه فى المكسيك، وكلا البرنامجين حسَّنا كثيرا من أوضاع الفقراء فى البلدين، ويرجع هذا الخبير ذلك النجاح إلى دقة استهداف المستحقين فى الإنفاق الاجتماعى من جانب الحكومتين، أما ما يدفعه للتفاؤل أن ما تملكه مصر أفضل بكثير مما كانت تملكه البرازيل والمكسيك عند بدء تطبيق برامج الحماية الاجتماعية، مثلا المكسيك لم يكن لديها أى قواعد للبيانات فى مقابل أن مصر على الأقل نجحت فى تفعيل وتعميم الرقم القومى.إذًا «الاستهداف» هو قاعدة النجاح، والمهمة الكبرى التى تواجهها مصر الآن، والاستهداف يعنى قدرتنا على فرز المستحقين وغير المستحقين خاصة وأن جملة هذه المبالغ ستتجاوز ٢١٠ مليارات جنيه، وهو ما يقترب من ربع موازنة الدولة، وغالبية الجهات تحدد المستحقين بعشرين بالمائة فقط من إجمالى من يحصلون على حماية الدولة الاجتماعية، الكلام الذى يطرحه خبير البنك الدولى على حجم تفاؤله يعكس حجم التحدى الذى نواجهه بشأن عمليات الفرز هذه، وهى بصراحة مسئولية تتجاوز مهام الحكومة لتشمل الدولة بكل أجهزتها وتصل حتى للمواطنين الذين يجب أن يشاركوا فى المساهمة بضرورة إعلان كل مواطن لا يستحق أنه لا يستحق وهذا واجب وطنى على الجميع إذا كنا حقا نرغب فى الإسراع بتحقيق العدالة الاجتماعية.ولا يبقى إلا أن أشير إلى الوجه الآخر من العدالة الاجتماعية كما شرحه لى خبير البنك الدولى والخاص بضرورة التكافؤ بين جميع المواطنين، وتحديدا يتحدث عن المساواة فى التعليم والعلاج، بمعنى أنه من غير العدل أن يتلقى ابن محافظة القاهرة تعليما وعلاجا لا يقارن بتعليم وعلاج ابن قرية نائية فى جنوب الصعيد، وهذا هو الوجه الصعب فى العدالة الاجتماعية الذى يجب أن يكون هدفنا الأكبر ومطلبنا الذى يجب عدم التنازل عنه لأن ذلك تحديدا هو الذى سيغير وجه مصر إلى ما نحلم به.