مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب | على مدد الشوف.. هيمنة الحيرة

عمرو-خفاجى

حيرة حقيقية تصيب أى محلل تجاه المعلومات المتدفقة من حالة الانتخابات الرئاسية، خاصة المعلومات المرتبطة بمواقف القوى السياسية من طرفى المنافسة، أو المقاطعين لهما، أو المبطلين لأصواتهم، فلا يمكن لنا أن نمسك بأى نوع من اليقين تجاه أى من القوى التى كانت فاعلة فى الانتخابات الأخيرة، بما فى ذلك موقف جماعة الإخوان المسلمين، التى أعلن حزبها (الحرية والعدالة) أن الكنيسة هى التى حشدت للتصويت وأكثر من نصف الأصوات كانت لأقباط، ثم قالت نفس الجماعة إن الشعب قاطع الانتخابات، وفى الحالتين، قالت الجماعة أو حزبها، إن ذلك جاء وفقا لدراسات ميدانية أجروها بأنفسهم، وبالتالى لم نفهم ماذا رأت الجماعة وماذا فعلت فى أيام التصويت، وإذا كانت الجماعة مرتبكة بحكم وجود بعض قياداتها فى السجون، والبعض الآخر هارب فى الخارج، فإن الحزب الوطنى أيضا كان موقفه شديد الغموض، ما بين أصوات تؤكد أنه هو الذى قاد عمليات الحشد، وأصوات أكدت أن قيادات الحزب عاقبت السيسى ومنعت حشودها بسبب إصراره على تصريحات «لا عودة لما قبل ٢٥ يناير» و«ليس علىّ فواتير لأحد»؟ ولا يختلف الأمر أيضا مع رجال الأعمال، ما بين أنهم قادوا حملة المرشح الذى تؤكد مؤشرات النتيجة اكتساحه الانتخابات، وأن رجال الأعمال خانوه بعدما طالبهم بأموال ضخمة ( مائة مليار جنيه )، أو أنه سيسير على نهج بوتين فى التجربة الروسية الناجحة، حيث يوجد دور كبير لرجال الأعمال ولكن يعملون تحت إشراف وإرادة الدولة.

هذه الحيرة مستمرة طوال الوقت وفى كل الاتجاهات، مثلا بيانات حزب «النور» تكشف أنه الحزب الوحيد من بين الأحزاب المتحالفة مع المرشح عبدالفتاح السيسى، التى ساهمت فى تحقيقه الاكتساح، وأنهم فقط، كما قال متحدثهم نادر بكار، الذين كانوا على الأرض دعما للرجل، فيما ذهبت غالبية التحليلات أن قواعد « النور » هربت من الساحة وأخلفت وعدها مع الرجل، وإنهم اختفوا تماما من المشهد، وبين الفريقين، فريق يؤكد أن « النور » بالفعل كان مع السيسى ولم يخدعه، لكن هذا حجمه وهذه قدراته، فهو ليس كل الحركة السلفية، كما أن الانتخابات الرئاسية تختلف عن البرلمانية التى من الممكن أن تكون قدراته فيها أفضل.

أما الشباب فهم لغز الانتخابات الحقيقى، وحيرتها الكبرى، هل كانوا هم المبطلون، أم المقاطعون، أم المتحالفون مع حمدين، هل الشباب المقصود بكل ذلك شباب الحضر أم شباب الريف، وهل المقصود بالشباب فقط الذين التصقت أسماؤهم بالثورة، أم كل من ينضوى تحت فئة عمرية بعينها، وهل الشباب ذكور فقط، أم إنهم أيضا الفتيات اللائى ظهرن كثيرا فى لجان السيدات، وحينما سألت باحثا متخصصا وأكاديميا عارفا، قال إنه لا يمكن معرفة نسبة مشاركة الشباب بهذه الانتخابات، على الأقل حتى هذه اللحظة، فلا توجد أية بيانات بشأن ذلك.. ويضاف لكل هذه « الحيرات»، الحيرة المكروهة، ما بين الذين حرموا وجرموا المشاركة فى هذه الانتخابات وهم شيوخ ورجال دين وأزهريون، والذين حرموا وجرموا عدم المشاركة فى نفس الانتخابات، وكانوا أيضا من الشيوخ ومن رجال الدين ومن الأزهر، وفى تقديرى، أنه من اللازم على الذين سيتصدون للحكم فك كل هذه الشفرات، والتغلب على الحيرات، على الأقل حتى يفهموا من هم حلفاؤهم، من معهم ومن ضدهم، وكيف يمكن التعامل والتعاطى مع كل هؤلاء، فجميعهم مصريون، ومع الغالبية الحائرة المتابعة لكل ذلك وتنتظر أن تفهم وتعرف مستقبلها والمستقبل المحيط بها، ولا رؤية ثاقبة تتكون، ولا قرار صحيحا يتشكل فى ظل ضبابية المعلومات وهيمنة الحيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *