محمد فتحى يكتب|قانون تظاهر على روحك

محمد-فتحي

رفضنا قانون التظاهر أيام «مرسى»، فلماذا نقبله الآن؟

هذا شىء ضد المبدأ، ولا تضحك على نفسك لتقول إن ما يفعله الإخوان الآن يستحق وجود هذا القانون؛ لأنك بالفعل تواجههم بقانون استثنائى اسمه قانون الطوارئ، ومع ذلك لم تطبقه ولم تتبعه، ولم تستطع من خلاله أن تحكم سيطرتك على تظاهراتهم، بل على العكس تقرفنا نحن بإغلاقك للميادين والشوارع، وبالتالى لا تنتظر منى أن أوافق على قانونك الذى ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، وستسوّقه بأنه ضد الإخوان، ثم ستستخدمه ضد الجميع، بمنتهى الغشومية، ساعياً لفرض سيطرتك الأمنية القديمة التى تحاول إعادتها الآن بمباركات وتهليلات شعبوية، ومع ذلك ما زلت فاشلاً فى ذلك. ما هو ضد المبدأ أيضاً أن تجد أسماء ظنناها محترمة، كانت تناضل وتتظاهر، ولولا التظاهرات التى خرجوا فيها ما سمعنا عنهم ولا وصلوا إلى مناصبهم أو وجاهتهم الاجتماعية أو حتى كراسى الفضائيات التى يجلسون عليها الآن يدعون لهذا القانون الآن، والآن فقط..

ما الفرق بينكم وبين الإخوان إذن؟

انتقدتموهم ثم ها أنتم تفعلون مثلهم.. إخص.

طبعاً حضرتك ستقول لى: إحنا زهقنا من هذا الذى يحدث فى الشارع، وزهقنا من قطع الطرق، وزهقنا من الاعتصامات وزهقنا وزهقنا وزهقنا وزهقنا..

ماشى.. هل سيحل قانون التظاهر مشكلة زهق حضرتك ويجعلك مبسوطاً كما تحلم؟

عينى فى عينك كده، وجاوب لو سمحت.. ألم ترض عن هذه التظاهرات أحياناً حين خدمت مصلحتك؟ ألم تشارك فيها حين دُعيت إليها عندما شعرت أنها تعبر عنك؟ راجع تاريخك فيها لتعرف أنك وفق قانون التظاهر الجديد ستكون متهماً ويحق القبض عليك.

أقول لك على حاجة؟

فاكر 30 يونيو؟ فاكر نزولك للاتحادية؟ فاكر الحوائط التى كتبت عليها عبارات تدعو «مرسى» للرحيل، ومن قبله «مبارك» وتتهمهما بالخيانة؟

كل هذا أيضاً يجرمك فى قانون التظاهر الجديد.

يا أخى ده هناك خبر نُشر فى بعض الصحف والمواقع عن رفض زياد بهاء الدين، نائب رئيس مجلس الوزراء، للقانون، ودعوته لأن يمر القانون على منظمات حقوق الإنسان، إلا أن باقى المجلس «طنشه»، مع أن حدوتة حقوق الإنسان سهلة وناعمة وقوية وكلها حنية، إلا أن «الاستعجال» على «سلق» القانون بعيداً عن مجلس شعب منتخب، وبعيداً عن أى حوار مجتمعى محترم وحقيقى، يفضح رغبة متوحشة فى تمريره تستوجب وحدها الشك فيه وفى دوافع كل من يريدون تمريره فى بلد يعانى أزمة مرور سيارات وسيولة مرور قوانين.

أقول لك على حاجة؟

تخيل «مرسى» الآن فى الحكم، وتخيل هذا القانون من عنده.. هل ستقبله؟

ستسألنى عن الحل، وأجيبك:

– حوار مجتمعى حقيقى يشارك فيه الجميع، ليحظى القانون بالحد الأقصى من التوافق.

– إعلام محترم يقوم بدوره ويخبرنا عن قوانين «تنظيم» التظاهر فى البلاد المحترمة، وكيف وُضعت، وعلى أى أساس، وهل يمكن تطبيقها عندنا أم أن الحالة مختلفة.

– مشرع يحترم عقولنا (مش مشرع ملاكى)، فلا يطلب من المتظاهرين أن يخطروا «الداخلية» بموعد ومكان التظاهرات قبلها والحصول على موافقة لن تأتى، ولا يطلب فى بنود القانون أن تلغى الاجتماعات أو يحضرها أفراد من الشرطة بغية مراقبتها أو تقييم كونها تمس الأمن القومى أم لا (هذه المواد موجودة فى مشروع القانون بالمناسبة).

ستقول لى إن هذا الحل سيأخذ وقتاً، وسأعيدك لنقطة البداية: طب ما انت عندك قانون طوارئ.. عملت بيه إيه يا فالح؟

عزيزى رئيس الجمهورية المؤقت..

ارفض القانون واعمل الصح يا عدلى، فلا شىء يجبرك على أن تفعل شيئاً غير محترم فى مثل هذه السن أو المنصب.

وتمرير مثل هذا القانون بشكله الحالى -صدقنى- شىء غير محترم بالمرة.

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.

 

المصدر جريدة الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *