الخطأ السياسى وارد، لكن «الجبن» السياسى ليس سمة الشرفاء ولا الذين يقدمون أنفسهم بوصفهم الشجعان الوحيدين على هذا الكوكب.
الخطأ السياسى وارد.. ويمكن الاعتذار عنه، وكلما كان الاعتذار سريعاً كانت مساحة التقدير أكبر، لكن الإنكار والكبر والمعاندة والتبرير والسفسطة بعد قليل تنقلب إلى سخط من هؤلاء الذين ينتظرون الاعتذار، فلا يجدى معهم أى شىء..
على العكس.. ينقلب تعاطفهم وربما تأييدهم إلى غضب وخصومة.
تعالَ نرتب الأحداث:
نشر موقع اليوم السابع «نص» ما قاله حمدين صباحى مع القوى الثورية التى التقاها، وحسبما أكد الموقع، فإن «صباحى» قال: لن أعامل «السيسى» كمجرم، لكن أستهدف محاكمته.
لا نتحدث الآن عن أى سياق قال فيه ذلك، لأن هناك مبرراتية لدى الأستاذ «حمدين» لا يختلفون عن مبرراتية «السيسى» ولا عن مبرراتية الإخوان أنفسهم، وكلهم دراويش، ودببة، بعيداً عن الناصح الأمين الذى يفتقد آذان المسئول أو المرشح دائماً، حيث يسلمها هذا الأخير دائماً لأهل الثقة وليس أهل الكفاءة وللشلة القريبة، وليس للخبراء، بل أحياناً يسلط عليه ربنا دماغه، فيسمع من الجميع، ثم يقرر أن يفعل شيئاً مختلفاً عن كل ما سمعه.
ولنعُد لموضوعنا، والسؤال الآن: هل قال «صباحى» ذلك أم لم يقله؟؟
السؤال واضح ومباشر وصريح ولا نتحدث عن أى سياق ولا نتحدث عن رأيك فيما قال.
الأمور مجردة.. هل قال «صباحى» ذلك أم لم يقُله؟؟
الحملة الرسمية قالت إنه لم يقُل ذلك.
المحسوبون على مؤيدى «حمدين» ممن حضروا اللقاء قالوا إنه لم يقُل ذلك.
المحسوبون على القوى الثورية ممن حضروا اللقاء قالوا إنه لم يقُل ذلك.
الجميع نفى نفياً قاطعاً.
فأخرجت «اليوم السابع» تسجيلاً من الاجتماع ليس فيه أى شىء، وهددت بنشر المزيد لو أصرت الحملة على الإنكار.
تواصل النفى القاطع الصارم البتار، والمداخلات التليفونية الفضائية، فنشرت «اليوم السابع» تسجيلاً فيه النص الذى نفته الحملة ومؤيدو الأستاذ «حمدين» ودراويشه والقوى التى حضرت اللقاء، ونفت.
المثير للدهشة، أن أغلب من نفوا تماماً تحولوا للتبرير على مذهب «الإخوان».
التبرير الأحمق.. التبرير الذى يلبس أصحابه فى حيطة.. التبرير الذى يجعلك تتساءل: لماذا نفوا من البداية؟؟
وإذا كان «حمدين» سيحاكم «السيسى» وفق قواعد العدالة الانتقالية ولن يعامله كمجرم، فلماذا يخشى أن يعلن ذلك فى العلن، ولماذا حدث كل هذا النفى.
وأين شجاعة المواجهة بعد أن ماتت شجاعة الاعتذار عن بيان مضلل وحضور كاذب نفى أن يكون قد قال هذا؟
لماذا لا يواجه مرشح الثورة خصومه بوجه مكشوف؟
لماذا لا يقول صراحة إنه سيحاكم «السيسى» والمجلس العسكرى السابق بأكمله؟ وأين اختفت الدعاوى بمحاسبة ومحاكمة القتلة، ومرتكبى المذابح؟ ولماذا صار الحديث عن موقعة الجمل ومذبحة ماسبيرو وسحل ست البنات وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد مجرد موضة قديمة ما دام الموج عالياً على الثوار وهؤلاء الذين خسروا الناس بغباء عرض قضيتهم، وبالإصرار على استخدام أساليب ثبت خطؤها؟
وكيف أثق فيمن يقدم نفس المعطيات ويبحث عن نتائج مختلفة؟؟
الموضوع مستفز..
وما زلنا فى انتظار شجاعة الاعتذار والمواجهة وتحديد الموقف الواضح، بدلاً من مغازلة كل فصيل على حدة، وفق ما اقتضت الزيارة يا أستاذ «حمدين».