مجموعة سعودي القانونية

محمد فتحى يكتب |معرض الكتاب.. شكراً

محمد فتحى يكتب |معرض الكتاب.. شكراً

محمد-فتحي

بداية تحية واجبة للدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الذى أدار معرضاً (من بتوع زمان)، وأصر على إقامته، وعدم غلقه فى أيام (القلق)، متحدياً أى إرهاب محتمل، ومصراً على أن الثقافة هى الحل. لمعرض الكتاب ذكريات عزيزة لدى أجيال عديدة. ندوات هيكل السنوية، روجيه جارودى محاضراً، ومئات على أبواب قاعة الندوات، نزار قبانى يشدو بقصائده، وأنا أصافح محمود درويش فى فرح، وجيل أصبح الآن من الآباء يجرى بلهفة على جناح المؤسسة العربية الحديثة ليلحق بنسخته من روايات مصرية للجيب، حيث أكثر الأجنحة ازدحاماً، وحيث السؤال عن متى يأتى نبيل فاروق أو أحمد خالد توفيق، مع سخافات العارضين والعارضات لأجهزة الكمبيوتر والكاميرات الديجيتال بالتقسيط، والزحام حول (الحنفية) الوحيدة الموجودة، وحفلات الأوبرا وفرق الموسيقى الشعبية، ومحمد جبريل يقرأ دعاء ختم القرآن فى تسجيل وضعته صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وشركة سفير تعرض كتب الأطفال، ومدبولى الصغير يستضيف صالح مرسى، رائد أدب الجاسوسية فى مصر، والناس توقع منه رأفت الهجان، وذكريات أخرى تلمحها على أسفلت المعرض وأنت تمشى فيه متذكراً ما كان.

قراء صاروا كتاباً، وكتاب صاروا قراءً، ونقاد لا يكترث بهم أحد فى الغالب لأن الكل سبقهم، والقارئ أصبح مختلفاً، ولا ينتظر رأياً نقدياً يهتم به، بقدر ما ينتظر عملاً جديداً من كاتب أحب كتاباته مهما قال عنها النقاد.

الشكوى الدائمة من دورات المياه ما زالت مستمرة، وتزوير الكتب أصبح بطريقة فجة تتنافى مع كون المعرض معرضاً دولياً، وهو ما يجب أن يجد له القائمون على المعرض حلاً جذرياً العام القادم بعد تكوين لجنة استشارية حقيقية تقوم بتقديم أفكار مختلفة من خارج الصندوق، وليس أفكاراً ترجع للستينات.

اللافت للنظر هو أن الناس عادت للرواية. أحمد مراد يتألق وما زال الأكثر مبيعاً رغم أن روايته «الفيل الأزرق» اقتربت من العام على صدورها، والجيل الذى يقف فى حفل توقيعه لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة ما بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين من العمر، بينما حسن كمال بروايته «المرحوم» يقدم أدباً رفيعاً وينتزع إعجاب القراء، ثم يلعب موقع good reads دوراً كبيراً فى تسويق الروايات الجديدة للكتاب الجدد الذين أدركوا أن الكتاب أصبح (صناعة)، فتنتهى الطبعة الأولى من «الممسوس» لمحمد عصمت سريعاً، فى تأكيد على أن أدب الرعب والإثارة يعود بقوة للصورة، ويقدم شريف عبدالهادى روايته الأولى «أبابيل» عن فساد القضاء، فتنتهى الطبعة فى يومين، وتبرز أسماء مثل أشرف العشماوى وعصام يوسف، ويقدم العم والأستاذ حمدى قنديل خلاصة تجربته فى مذكراته (عشت مرتين)، ويبحث الجميع عن رائعة إليف شافاق (قواعد العشق الأربعون)، فى حين تواصل دور النشر الشابة كفاحها ونسمع عن (دوّن) و(ليلى) و(أكتب) و(كيان) و(الرواق) و(المصرى)و(الحلم) و(كتابى) و(الربيع العربى) وغيرها من دور النشر التى تحاول ترك بصمتها وصناعة أسطورتها الذاتية، بينما يؤكد سور الأزبكية أن أسطورته لا تفنى ولا تستحدث من عدم، ويؤكد على ذلك الزحام الشديد على العارضين هناك.

يقدم شريف بكر فى دار نشره العربى أعمال (كافكا) الكاملة، وينشر روايات من الأكثر مبيعاً فى هولندا وكولومبيا، ولا تزال الكتب الأكاديمية هى الأغلى، ولا أمل فى أن تصدر دور النشر الكبيرة طبعات شعبية من أعمالها، لكن يبدو الأمل الحقيقى فى مشروع (كتبى) للكتب الإلكترونية، والذى تم التعاون فيه بين دور النشر وفودافون، لتقديم الكتب عبر الآيباد والآيفون، وأجهزة الهاتف الذكية، لتصبح قادراً على شراء ما تريد والمحاسبة عليه بالكارت أو بفاتورة الموبايل، إضافة للكتب المجانية التى يقدمونها.

لا تزال رائحة عمنا إبراهيم أصلان فى جناح الشروق الذى قابلته فيه للمرة الأولى، ولا يزال صوت عمنا خيرى شلبى فى أذنى، بينما أفتقد كتاباً جديداً للمخزنجى، وأفرح بإعادة حكى المنسى قنديل للتاريخ فى كتابه الجديد، وأبحث عن نسخة من الطبعة الثانية لنساء الكارنتينا لنائل الطوخى عند دار ميريت التى افتقدت طلة محمد هاشم فى جناحها بعد أن فضل الجلوس فى المقر تاركاً الأمر لبناته المجتهدات، وتاريخ صنعه الرجل بمنتهى الشرف. بينما أحرص على مصافحة أحمد المقدم الذى رآنى طفلاً قبل سنوات فى المؤسسة العربية الحديثة وأنا أشترى أسطورة رفعت إسماعيل الأخيرة، وأتمنى الشفاء والسلامة واجتياز المحنة لأستاذى وأبى الروحى نبيل فاروق.

كل معرض وأنتم بخير.

 

 

 

 

المصدر:الوطن