مجموعة سعودي القانونية

معتز بالله عبد الفتاح يكتب | اشتمه احتياطى

معتز بالله عبد الفتاح يكتب | اشتمه احتياطى

معتز-بالله-عبد-الفتاح

مرة كنت فى روما لحضور مؤتمر، وكان لى صاحب أمريكانى من خلفية إيطالية أعطانى كل النصائح المطلوبة علشان ما يتضحكش علىَّ فى روما بما فيها تأجير تاكسى وتحديد السعر المفروض أدفعه وكان حوالى 40 يورو وقال لى السوّاق غالباً هيحاول يأخذ منك فلوس أكثر فلا تستجب له.

المهم ركبت «تاكسى» من المطار لغاية الفندق، وفى الطريق كل شوية السائق يشتكى من الزحمة وكأنه عايز يقول لى إن المبلغ المتفق عليه مش هيكون كفاية، وطبعاً أنا ولا معبّره. هو يشتكى وأنا مطنّش خالص لغاية ما وصلنا الفندق. وكانت لغة الخطاب طوال هذه الفترة هى الإنجليزية، وفجأة بدأ يرطن بالإيطالية وأنا مش فاهم هو بيقول إيه، فجاء لى هاجس إنه غالباً بيشتمنى، فرحت شتمه بالعربى احتياطى (بس مش شتيمة جامدة للأمانة).

وكان لسان حالى: لو طلع بيشتمنى بالإيطالى، فأنا شتمته بالعربى ونبقى خالصين. ولو ما كانش بيشتمنى، يبقى ما فيش مشكلة لأنه ما بيفهمش عربى.

تذكرت هذه الحدوتة لما وجدت أحد الأصدقاء بيقول لى، فيه حد بيشتمك على تويتر وبيقول عليك إنك قلت كذا كذا على قناة كذا الآن. قلت له: كيف هذا وأنا لم أظهر على هذه القناة من فترة طويلة، ثم أنا أجلس بجوارك يبقى إزاى على القناة دى الآن؟ قال لى تعالَ اقرأ. المهم فين على بال ما فهمت إن فيه حد تانى اسم جده «عبدالفتاح».. يعنى على اسم جدى، والشباب الحقيقة والله ما قصروا قالوا نشتم معتز بالله عبدالفتاح احتياطى، طلع هو يبقى أخذ جزاءه، ما طلعش هو، خلاص هو اتعود على كده.

المهم كتبت على الموقع بتاعى: «إلى الأصدقاء: مش كل ما تقروا إن «عبدالفتاح» بيقول حاجة تشتمونى أنا، فيه كذا «عبدالفتاح» فى البلد، وأنا الدكتور محرّج علىّ ألا أتشتم أونطة».

المهم فيه جزء من البلد يفترض فى أى حد له رؤية مختلفة عن رؤيته أنه حرامى ونصاب وخائن ومنافق وأفّاق ومتلوّن وعميل ومنكفئ ومنبطح…

على فكرة هذه صفات الشخص، عادة ما تكون هناك صفات أخرى لوالد ووالدة الشخص موضع الشتم والسب بحكم الجريمة الجبارة التى ارتكباها وهى أنهما ربيانا صغاراً.

هو إحنا إزاى بقينا كده؟ ولاّ إحنا كده من زمان وأنا اللى ما كنتش واخد بالى. طيب إزاى هنعيش مع بعض وإحنا بنكره بعض بدليل إننا بنشتم بعض سواء كراهية أو احتياطى؟ طيب ما هو إحنا كده من جوانا مش كويسين.

ابن المقفع مرة قال: «إن الألسنة تنطق بما فى النفوس فتكشف عن مكنونها فتهوى بأصحابها»، وكأنه يقول لنا إن نفوسنا أصابها عوار. هل هو عوار سابق على الثورة وكشفته الثورة، أم لاحق على الثورة وأنتجته الثورة؟.. لا أعرف.

وعموماً، والتزاماً بالعرف السائد فى مصر، أقترح أن كل واحد يقابل كل واحد قبل ما يسلّم عليه أو يقول له أى كلمة يشتمه احتياطى. الأمور الآن أصبحت أسوأ، بالإضافة للشتيمة، أصبح التخوين والإسفاف والردح والهمز واللمز والإيحاءات الجنسية، حاضرة فى أجهزة الإعلام التى تدخل البيوت بلا استئذان، والمجتمع الذى مناعته ضعيفة يبتلع كل هذا ويعيد إنتاجه ويعيد نشره إلى أن يصل المجتمع إلى نقطة اللاعودة واللاحل.

هذا مقال قديم يحتاج إلى إعادة نشر لتشابه المقدمات والظروف.

 

 

 

 

المصدر:الوطن