وائل عبدالفتاح يكتب | هل يحتاجون إلى أحمد عز؟
عاد أحمد عز إلى الأخبار فى لحظة مثيرة.
السيسى يسعى لبداية مرحلة الإبهار ويشحن كل طاقة أجهزته الإعلامية والتنفيذية والمالية من أجل مشروع تطوير قناة السويس ليكون «معجزته» أو حجر تأسيس مجده.
ورغم أن الخلاف حول المشروع يأتى فى إطار «مزاج عام» يسحب كل شىء عام وخاص إلى منطقة الاستقطاب (سيسى/ مرسى) أو (عسكر/ إخوان) ولهذا مقابل ضجيج البروباجندا الصاخبة تبشيرا بقناة السيسى (وفيها لمحنا إشارات تذكِّر ببروباجندا مشاريع سابقة) كان هناك ضجيج آخر على خلفية سؤال: لماذا رُفض المشروع أيام المرسى واعتُبر ضد السيادة الوطنية ويقدَّم الآن على أنه المشروع الوطنى الذى انتظرته مصر؟!
الضجيج يوقِف العقل.. وهذا هو المثير للخوف فى محاولة السيسى صنع «الإبهار» وهى محاولة يتصرف فيها كما لو كان ما زال قائدا عسكريا يدير البلد كله بالأوامر ويطلب الطاعة (إلى درجة أن مميش قال إن المشروع سينفَّذ فى ٣ سنوات فأمر السيسى بتنفيذه فى سنة، كأنه لا احترام للدراسات ولا لآراء الخبراء، بل لأوامر ورغبات الرئيس، وفى هذا رعب كبير على المشروع) وإلا فإنك «لم تتعلم شيئا..» أو «تريد أن تأكل مصر».
مصر طبعا تنتظر «مشاريع» تعبر بها أزمات ٣٠ سنة من سياسات فاسدة أكلت إنجازاتها هى نفسها، فالانهيار الذى حدث تباعا فى الخدمات هو نهاية مأساوية لحاكم مثل مبارك اعتمد فى إنجازاته على مشاريع البنية الأساسية لكن نظامه الفاسد وعديم الكفاءة أدى إلى انهيارها كما نعيش المأساة يوما بعد يوم.
ولهذا فمشروع تطوير وتنمية قناة السويس لن يتم بمنطق «مبعوث العناية الإلهية الذى يعرف كل شىء ويصدر أوامره وتهديداته».. ولكن بتضافر الخبرات والرؤى التى يمكن أن تكون بعيدة عن دوائر معرفة السيسى أو ربما معارضة له.
وهذا هو الفارق بين قيادة وحدة عسكرية الأمر فيها لا بد أن يكون فى لحظة لشخص واحد وإدارة بلاد تتنوع خبراته وتتسع مجالاته خصوصا أن هذه بلاد كم أنهكت من رؤساء يتصورون أنهم يعرفون كل شىء وتصوروا أنه يمكن اختصار البلد كله فى شخصهم الذى يظهر أنه كان متواضعا فور سقوط السلطة عنهم.
المشروع مهم ومصر تحتاج إلى نجاحه.. لكن طريقة إدارته فى إطار خطة «الإبهار» ينذر بخطر أكبر من «توشكى» التى ما زال الفشل فيها حاضرا فى الأذهان بعد إبهار أكبر وإنهاك أضخم لميزانية دولة تلتهمها أنظمتها.
مشروع تنمية قناة السويس ليس إلهام السيسى، فقد تم تأجيله من السنوات العشر الثانية لمبارك وتوقف أكثر من مرة كان فيها كل نظام يسقط عليه أطماعه وهواجسه وأكاذيبه أيضا وينسى أن يوفر الدراسات والإمكانات اللازمة للنجاح.
وهنا إثارة لحظة خروج أحمد عز..
لا لأنه، كما نشرت بعض الصحف، تبرع بنصف ثروته لصندوق «تحيا مصر..»، ولا لأن خروجه علامة على عودة «الزمن» إلى الوراء.. ولكن لأن أحمد عز كان منذ 4 سنوات صاحب أعلى صوت، هو المهندس والمدير واللاعب المحرك للأحداث.. لاعب من نوعية أخرى تختلف عن فرقة الموظفين أمثال: زكريا عزمى وجمال عبد العزيز..
قادم من عالم البزنس الصغير ليقتحم العالم الكبير لا فى البزنس فقط ولكن أولا وقبل أى خطوة فى السياسة.
هل تحتاج مرحلة «الإبهار» إلى أحمد عز؟