وائل عبد الفتاح يكتب | نصائح الفاشى السعيد

وائل عبد الفتاح يكتب | نصائح الفاشى السعيد

وائل-عبد-الفتاح

لا تحتاج إلى شىء لتكون فاشيا سعيدا فى بلد لا تصلح فيها الفاشية.

ليس مهما أنك بلا إنجاز ولا مشروع إنجاز/ المهم أن نزوعك للفاشية يسيطر عليك باعتباره الشكل الوحيد لترويض الشعب أو لإعادته إلى أقفاصه.

يااااه كانت أيام حلوة لأصحاب النزوع الفاشى عندما كانت السلطة لديها موهبة كتابة سيناريوهات الاستعراضات الفاتنة لفاشيتها العقيمة..

لكن لا تقلق عزيزى النازع إلى الفاشية.. فالخبرات موجودة وباعة السحر يبحثون عن طريقة لاستعادة نشاطهم..

ولكى توجه شعبا يكتشف كل يوم فشلك ويعانى من انعدام كفاءتك.. وتقتل فيه بدم بارد فى الشوارع والأقسام وعربات الترحيل.. إليك هذه الروشتة المجربة المضمونة:

1- أقنعهم بأنك حارس الأخلاق.

2- وأنه ليس مهما أن تمنع الجرائم ما دمت تقبض على شخص بتهمة ازدراء أديان أو تحبس مؤلفا لأنه سأل: أين الله؟ أو تحرض مشايخك لإقامة زوبعة على عرض فيلم عن النبى نوح.

3- كلها أشياء فى متناولك وستنال تصفيقا من جموع حائرة فى حياتها وما زالت تتصور أن سبب ما نعانيه هو الخروج عن كتالوج الأخلاق.

4- هؤلاء جمهورك/ المؤمنون بنظريتك.. فحافظ عليهم وغذِّ أفكارهم كل يوم بإشعال غدد الفاشية وهرمونات الرقابة.

5- الرقابة كما تعرف هى الإعلان عن السلطة لا إعلان وجود الأخلاق… إعلان أن هناك من احتكر المنع ويستطيع أن يقول لك ما حدود الأخلاق.

6- جمهورك هذا يخاف من الحرية.. ومن تحمل تبعاتها فى الوقت الذى ليس لديه مانع من الانفراد بكل الذى تمنعه فى غرف سرية.. ألم تجرب أنت نفسك التلذذ بالممنوع فى غرفتك السرية؟

7- هنا لا بد من المحافظة على أن تكاد المسافة بين الحرية والابتذال… تساوى صفرًا.

8- وساعتها فإن كل من يتكلم عن الحرية سيرد عليه جمهورك تريد الدعارة والشذوذ.

9- ضع على الحرية علامات اللعنة.

10- واجعل هجومك وتعديك على الحرية الشخصية.. له سحر «الفعل النبيل» إنك فى حرب من أجل الأخلاق.. وماذا يعنى أن تهاجم حفلة خاصة وتسميها فى صحفك «القبض على تنظيم الجنس الثالث»؟ أو ماذا يعنى أن تجبر شخصا على تكسير زجاجة ويسكى؟ أو أن تسأل بريبة فتاة عبرت بكمينك «على فين».. سيعنى ذلك شيئا واحدا: أنك مقاتل أخلاقى.

11- سينسى الجمهور هنا أنك تعذب/ وتتعجرف/ وتحجز بسلطتك مكانا مميزا فوق المجتمع.. سينسون لك القتل والتعذيب.. والفشل فى استعادة سيارات مسروقة.. لأنك تعيد إليهم الأخلاق.

12- نعم.. حافظ على مفهوم أن الأخلاق هى مراقبة الآخرين والتحكم فى تصرفاتهم لا فى احترامهم كبنى آدمين لهم حقوق وحريتهم مقدسة.

13- هذه المفاهيم سلاحك البتار.. انشر فى كل صحيفة وتليفزيون أخبار تفتيشك فى الأفكار وفى الغرف المغلقة.. أخرج المهووسين بالرقابة وتكدير الناس فى الشوارع.. هى الإعلان عن السلطة.

14- نعم ابحث عن فضيحة.. كلما تصاعدت الانتقادات عن عودة الانتهاكات والتعذيب فى الأقسام وأماكن الاحتجاز.. وستجد دائما صيدا ثمينا.. لن يتابع الناس أنها قضايا تافهة/ فشنك/ وسيبقى فقط أن عيونك تحمى أخلاقنا.

15- للأسف الإثارة بعد الثورة لم تجعل سوق الفضائح رائجة كما كان قبل 25 يناير، لكنك ما زلت تملك نفس الشبكة من مندوبيك فى الصحف/ وقادر على تنشيطها وإعادة صائدى الفضائح إلى مواقعهم المميزة فى صناعة الرأى العام.. فالانشغال بازدراء الدين لن يتحول إلى تفكير ولكن إلى حشو فارغ لا يدقق فيه مستهلك الفضيحة، ولا يفكر أنه سيصوب غضبه للضحية/ وسيعتبر أن الاعتداء عليها عمل يقربه من الله/ كما أن خلط المجالات وإصرار المشايخ ليس على رفض ظهور النبى نوح على الشاشة.. ولكن منع عرضه/ سيثير هذا إعجاب وفرح الجماهير المنتظرة لممارسة عدوانيتها على أى شىء.

16- لا يشغلك من يقول إن الفصل فى المجالات هو لب التطور الفكرى، وإن على الشيخ أن يلزم مكانه ويقول رأيه للمؤمنين به/ لكن أن يحول هذا الإصرار إلى قرار ضد الحريات/ فهذا استعراض للسلطات يفوق ما كان يمكن أن يفعله الإخوان/ لكن هذا ليس مهما، وبدلا من أن تعامل الإخوان بعدالة ارتكب جرائمهم بتطرف/ وساعتها ستصبح المزايدة عليهم.. انتصارا فى معركتك معهم.

17- كل الطرق تؤدى إلى أن هذه الحوادث الصغيرة ستصنع منك «البابا الجديد» للدولة.. دولة الوصاية.. الدولة الأبوية.. نعم هى نفسها الدولة من أيام الخليفة العثمانلى إلى الرئيس المفدّى.. وهو نفسه المجتمع الذى يلعن الأب الحاكم لكنه يعبده.. واسأل أى محترف للبضاعة المهربة سيقول لك: لا بد من الرقابة لتحمينا.. هذه ليست شيزوفرينيا.. فالآباء يربون زبائنهم.

والأبوية تنتج جمهورا متلهفا عليها.. وهكذا يرتبك العبيد.. لحظة فتح البوابات..

ويهتفون ودموعهم تنسال: أين البابا؟

 

 

 

 

 

 

المصدر:التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *