ظننت فى بعض الأحيان أن الزمن لن يعود بمصر إلى الوراء بعد ثورة يناير ٢٠١١ وأن السلطتين التشريعية والتنفيذية ستكتسبان تدريجيا شرعية قبول شعبى عبر الإجراء الديمقراطى المتمثل فى صندوق الانتخاب وعبر تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية للناس مع ضمان حقوقهم وحرياتهم، ظننت أن المشرعين والتنفيذيين سيوظفون طاقتهم فى مجال السياسة العامة صياغة ونقاشا وتنفيذا ومراجعة وتطويرا بهدف تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والأمن ولن يقفوا عند حدود الحفاظ على الوضع القائم دون تغيير أو الارتداد إلى سياسات الماضى التى فرضت على مجتمعنا ولعقود طويلة الظلم والتخلف، وخطأ ظننت.
ظننت فى بعض الأحيان أن الزمن لن يعود بمصر إلى الوراء بعد ثورة يناير ٢٠١١ وأن المساحة الإعلامية صحافة وإذاعة وقنوات تليفزيونية بملكياتها العامة والخاصة ستتجنب تدريجيا تقديم المصالح السياسية والحزبية والاقتصادية والمالية على شرط الموضوعية وتداول المعلومات وقبول التعددية والرأى الآخر والامتناع عن التحريض والتركيز على قضايا المستقبل التنموية، ظننت أن الوجوه التى تورطت طويلا فى تزييف وعى الناس والترويج لسلطوية ما قبل ٢٠١١ بمقولات النمو الاقتصادى وتحسن الأداء الحكومى الخادعة أو بمقولات الخوف من التغيير والتعويل الأحادى على الحلول الأمنية لن تعود، ظننت أن الوجوه هذه لن تجد من حولها بيئة مشجعة يخترقها صناع الإفك وأبواق الدولة الأمنية وسياسيون وإعلاميون لا يعرفون إلا الدفاع عن نخب الحكم وألا يملكون إلا مفاتيح للالتحاق بركبها وإن شوهوا ثورة يناير العظيمة والطلب الشعبى على الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة، وخطأ ظننت.
فيا بنى قومى، إن كان هذا هو ما ترتضون لمصر فاقبلوا الأوضاع القائمة وادخلوا ظنى الاخير، وهو أن المصريات والمصريين لا يرضون الظلم وينشدون الحق والحرية والتقدم، إلى ذات دائرة الخطأ والاتهام بالرومانسية وغياب الواقعية التى يرمينى بها مبررو السلطان فى كل زمان ومكان. وإن كنتم مازلتم تبحثون عن الديمقراطية التى لن نحصل بدونها على الحق والحرية والتقدم، وبهذا الأمل وله أكتب كل يوم، فارفضوا الأوضاع القائمة واطلبوا التغيير السلمي.