مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب | الأسئلة الغائبة

عمرو-خفاجى

يرى غالبية المراقبين للانتخابات الرئاسية، أن الإعلام لم ينجح، فى طرح أسئلة جديدة على المرشحين الرئاسيين، بما تقتضيه اللحظة وبما يطمح إليه المصريون، فحتى الآن يقف الإعلام على خط المواجهة مع الانتخابات بأسلحته التقليدية وأسئلته القديمة المعتادة وأفكاره البالية، فمازلنا ندور فيما خطط له المرشحان، بدقة، للخروج على الرأى العام بما يتوافق مع الصورة الراسخة لهما وكما يرغبان أن تصل، كما أنهما سيطرا تماما على توجهات خطابيهما لجمهور الناخبين، بما فى ذلك الإفلات من معصية عدم طباعة البرنامج الانتخابى واعتباره تعهدا للناخبين، حيث نجح المرشح حمدين صباحى فى التعبير بذكاء شديد عن عدم استطاعة طباعة برنامجه للتعاطف معه باعتباره مرشح الفقراء الذى لا يملك ثمن طباعته، بينما نجح المرشح عبدالفتاح السيسى فى ترسيخ فكرة أن هناك أولويات أهم بكثير من البرنامج وتعهداته، وإجمالا فرضا كلا المرشحين على حالة الدعاية، ثبات محسوب ومقدر، دون طمع فى حشود المرشح المنافس، فأدى كل ذلك إلى توهان الأسئلة التى كنا نرغب حقا فى طرحها على المرشحين.

أسئلة انتخابات رئاسة ٢٠١٤، استعارت تقريبا أسئلة الانتخابات الرئاسية الماضية، وأضافت عليها بالأساس الموقف من الإخوان وتصورات حماية الأمن القومى المصرى، وبلا شك أنها أسئلة مهمة وضرورية وستكون مؤثرة فى المشهد القادم، لكن أسئلة بناء النظام الجديد / الدولة الجديدة، لم تكن حاضرة أبدا فى متن الخطابات الدعائية، ولا أبالغ إذ قلت إن التخوفات كانت أكثر من التطمينات، كما أن الحملات لا تتضمن الشخصيات التى من الممكن أن تكون شريكة للمرشح الفائز فى الحكم، على عكس ما يحدث فى الدنيا، وربما تشابه ذلك فى الكثير مما كان فى انتخابات رئاسة ٢٠١٢، بالرغم من أن هتافات الجماهير كانت فى غاية الدقة والوضوح فى لحظة إعلان مبارك تنحيه عن الحكم، بأن «الشعب يريد بناء نظام جديد» وهو النظام المختفى حتى هذه اللحظة رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على المطالبة ببنائه.

علينا أن نعترف أن مصر ليست مستقرة فى هذه المرحلة، حتى تكون الحالة الدعائية متمحورة حول حلول أو تصورات لحلول المشكلات العامة مثل الأجور أو الصحة والتعليم إلى آخر ذلك من تفاصيل، طبعا مطلوب حلول لكل ذلك، ومطلوب النهوض بالحالة الاقتصادية، لكن المطلوب أيضا، ليس أبدا مجرد الحلول التنفيذية، بل الرؤية العامة لشكل النظام السياسى الجديد الذى سيكون مسئولا عن حل هذه المشكلات بآلية ديمقراطية، خصوصا أن هناك نظاما سقط فى يناير ٢٠١١، نظام ثار عليه الشعب ويخشى من عودته، ولن تتوقف هذه الخشية إلا بإعلان النظام الجديد وتحديد هويته، واختيار الشخصيات المعبرة عنه لحظة انطلاقه، وكل ذلك لم يسأل عنه الإعلام، ولم يكلف خاطره بإبلاغ الشعب عن ذلك، وترك المجال حرا ومفتوحا للمرشحين ليبيعا لنا ما يملكانه فقط، وما يرغبان فى قوله، لا ما نريد نحن سماعه ومعرفته عن نظام الحكم الجديد والذى سيولد بعد أقل من أسبوعين من الآن، وبصراحة هذه بداية غير مبشرة بالمرة لحالة التغيير التى توقعها الشعب منذ الإعلان عن خارطة المستقبل، الخارطة المشغولة، حتى الآن، بالماضى وصراعاته، لا بالمستقبل وتوقعاته، وما يحمله لنا من تغيير، وبصراحة أكثر، الإعلام هو المسئول الأول عن ذلك، فالأسئلة وظيفته الأولى، والتشكيك مهمته المقدسة، وإذا غابا صار الإعلام خائبا ومنافقا، وأحيانا خائنا للرأى العام، وهذا ما لا نتمناه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *