عمرو خفاجى يكتب | المرشح الوحيد
أهم ما فى أى انتخابات، البيئة السياسية المحيطة بها، وهذا ما يجب أن يعمل عليه الجميع بجدية الآن وفورا، وأهم ما فى البيئة السياسية لأية انتخابات، توفير الأجواء التنافسية المناسبة، خاصة أننا مازلنا نتلمس طريق الديمقراطية، وما حدث خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة غير مطمئن لجمهور الناخبين، وهى حقائق يجب أن نعترف بها وأن نواجهها قبل أن نشرع فى بدء العملية الانتخابية، فضبط القوانين وحده لا يكفى أبدا لضبط الأجواء التى تحتاج جهودا سياسية حقيقية من جميع القوى السياسية، سواء تلك القوى التى ستتقدم بمرشح أو تلك التى تنتوى دعم مرشح، فلا يمكن الحديث عن مرشح وحيد وأن هذا هو قدر مصر، إلى آخر ذلك من أوصاف وتعابير احترفناها طوال القرن الماضى، خاصة أن اللحظة أصعب بكثير مما يعتقد البعض.الرئيس الذى ستنتخبه مصر هذه المرة، يأتى فى ظروف أصعب بكثير من ظروف انتخابات مايو ويونيو ٢٠١٢، فقطاع لا يستهان به يشعر بالخطر على ثورته، وقطاع آخر يشعر بالخوف على مستقبل بلاده، وغالبية لا تطلب الآن سوى الاستقرار بأى ثمن، وهو مطلب خطير ويفتح الأبواب أمام الاستبداد من جديد، ولا يعنى مطلقا أن هناك مرشحا يبدو أنه يحظى بجماهيرية وشعبية طاغية، أن يتم ترك الساحة خالية له من دون تقديم برامج واضحة لسنوات حكمه إذا ما تمكن من الفوز بالمنصب، فأعتقد أن الثورة جاءت لتنهى عهود التوقيع على بياض، بل كانت مشكلة محمد مرسى وجماعته أنه ظن أن فوزه بالانتخابات هو توقيع على بياض ليفعل ما يروق له هو وجماعته، وهو أمر غير مقبول، ومن البديهى أن نشير إلى أن ذلك تحديدا هو الطريق السالكة نحو الاستبداد.فكرة أن مصر بها مرشح وحيد فكرة سخيفة ومؤلمة وتتنافى تماما مع ثورة يناير، فالثورة انقلبت صراحة على هذه الأوضاع، وطلبت حكاما جددا يحكمونها وفقا لمصالح الشعب وبتفويض محكوم بالدستور والقانون، والدستور يتحدث عن انتخابات تجرى بين أكثر من مرشح، فلماذا تتراجع القوى السياسية عن التمسك بحقوقها، أم أن فعلا كما يردد البعض، أن الساسة فى مصر يفضلون حصد المناصب بعيدا عن الصناديق واختيارات واختبارات الجماهير، وإذا كان البعض فعلا يرى فى المرشح الوحيد انحرافا عن مسار الثورة، فلماذا لا تتقدم القوى التى تؤمن بذلك بمرشح تقنع به الجماهير وبضرورته فى الوصول إلى مقعد حكم مصر، ولماذا أصلا هذه الأحاديث اليائسة عن عدم إمكانية منافسة المرشح الوحيد.كتبت هنا منذ عدة أشهر، صراحة عن جريمة إعلان بعض الساسة عن عدم ترشحهم فى حالة ترشح الفريق أول السيسى (وقتها كان لايزال فريق أول)، وقلت إن هذه دعوة فاسدة، وأن الأفضل لهم ألا يتحدثوا عن ترشحهم للانتخابات، بل كانت تصريحاتهم هذه بمثابة دفع السيسى للترشح والتضامن معه، مع ضمان التصويت له بنعم، لذا يبدو ترشحهم الآن هزيلا وغير مقنع لأحد، كما أن انسحابهم يبدو سيئا وبليدا ويعكس خيابة سياسية تنهى حياة أى سياسى، ومع ذلك لا نستطيع الهرب من السؤال البائس: هل فعلا لدينا مرشح وحيد للرئاسة، وليس لدينا أى مرشح لمنافسته؟