غرفة نوم تطل على قطار l سارة عابدين

ليس الشعر هو ما أرغب في كتابته طوال حياتي

ما الممتع في تتبع أحزان الآخرين

أو تضخيم مآساتي الشخصية

أو في حبي للهزائم التي تسمح لي بالبكاء

كلما تيسر ذلك

الوقت يمضي من حولي

وأنا أمعن في الانتظار

أنظر إلى أحذيتي التي لم تتغير مقاساتها من سنوات

وحقائبي التي تبلى داخل الدواليب المغلقة

دون أن تلمح الشمس أو تنغمس في أتربة الشوارع

ودون أن تصاب بزكام الشتاء

دون أن أشاهد العاهرات والسكارى في البارات اليليلة

لأكتب رواية طويلة متخمة بالعبارات الجنسية

والمشاهد الأيروتيكية

ليمارس القراء عاداتهم السرية أثناء القراءة

ويقذفون روايتي في القمامة

بعدأن تزدهر مبيعاتها

وتتضخم جيوبي من المكاسب

أذهب للتسوق

والمزيد والمزيد من التسوق

أشتري أحذية وشنطاً تبلى هي الأخرى في الدواليب

عندما أعود من جديد لكتابة الشعر

….

العاهرة في البار تهمس لي أن لا أجعلها مبتذلة

وأن أجعل الجوانتي الدانتيل في كفوفها غير مثقوب بثقوب الزمن

وأوزع كريم الأساس حتى يتوه الفارق بين وجهها ورقبتها دون خط فاصل

وأجعل المانيكير في أظافرها لامعا

لا رخيصا ولا متقشرا

……

الرواية تحبسني داخلها

العاهرة تبكي كل ليلة

بشكل يمنعني من استكمال الكتابة

صوت نشيجها مرتفع

لا تعرف أني لم اعد أبالي

وفي الصفحة القادمة

سأثقب الجوانتي الخاص بها

وأقشر طلاء أظافرها

وأشقق كعبيها

وأوفر في كريم الأساس الرخيص

ليظهر بوضوح فارق اللون بين وجهها المطلي

وجلد رقبتها المزرق

….

خارج أبواب روايتي

الشمس ساطعة في الجهة الاخرى من العالم

وغرفة نومي تطل على قطار

يفتح أبوابه في مواعيد نومي

أحاول الهرب من كوابيسي سريعا

لألحق به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *